يستقي لنا ولأهل المحلّة، ونشأ هو محبا للعلم والأدب [فطلبه]«١» وصحب الأعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدويا قحا. وقد كان تعلم الكتابة والقراءة، فلزم أهل العلم والأدب.
وأكثر ملازمة الوراقين وكان علمه من دفاترهم.
[قال الزيدي] : «٢» فأخبرني وراق كان يجلس إليه قال: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عيدان «٣» قطّ. كان عندي اليوم فأحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل: يا هذا، أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر «٤» ، فقال له ابن عيدان: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة فما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب. قال: فأقبل يتلوه إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه، وقام فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. قال: فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.
وكان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفيّ، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا شك فيها «٥» . وكانت صالحة من صلحاء النساء الكوفيات.
[قال ابن العديم]«٦» :
[أنبأنا «٧» تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: قال لنا هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي: قال لنا أبو بكر الخطيب: عيدان، بكسر العين وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها، هو والد أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، كان يعرف بعيدان السقاء] .