وأخذوا جميع ما كان معه، وتبعهم ابنه المحسّد «١» طلبا لكتب أبيه فقتلوه أيضا، وذلك كله يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
مدح «٢» عضد الدولة بن بوبه الديلمي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فقتل المتنبي وابنه محسّد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية، في موضع يقال له: الصافية، وقيل: حيال الصافية، من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين] .
[ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة قال: إن أبا الطيب لما فرّ حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار أبدا وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني والحرب والضرب والقرطاس والقلم
فكرّ راجعا حتى قتل، وكان سبب قتله هذا البيت] «٣» .
[قال أبو القاسم عن أبي غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذهلي قال: أنشدني الحكيم أبو علي الحسين بن عبد الرحمن الثقفي النيسابوري لأبي القاسم المظفر الزوزني الكاتب يرثي المتنبي:
لا رعى الله سرب هذا الزمان إذ دهانا في مثل ذاك اللسان
ما رأى الناس ثاني المتنبي أي ثان برى لبكر الزمانكان في نفسه الكبيرة في جي ش وفي كبرياء ذي سلطان
كان في لفظه نبيا ولكن ظهرت معجزاته في المعاني «٤» ]
وكان قتل المتنبي يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وحدث أنه لما نزل المنزل الذي رحل منه فقتل جاءه قوم خفراء فطلبوا منه خمسين درهما ليسيروا معه فمنعه الشحّ والكبر، وتقدّموه فكان من أمره ما كان.