كنت مع المتوكل لما خرج إلى دمشق، فركب يوما إلى رصافة هشام بن عبد الملك «١» يدور في قصوره وقصور ولده، ثم خرج فدخل إلى دير هناك قديم «٢» من بناء الروم حسن البناء بين مزارع وأنهار، فدخل، فبينا هو يدور إذ بصر برقعة قد ألصقت في صدره فأمر بأن تقلع وتنزل فقلعت فإذا فيها مكتوب «٣» :
أيا منزلا بالدّير أصبح خاليا تلاعب فيه شمأل ودبور «٤» كأنّك لم يسكنك بيض أوانس ولم يتبختر «٥» في فنائك حور
وأبناء أملاك عباشم سادة صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فعنابس «٦» وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنّهم يوم اللّقاء ضراغم وأنّهم يوم النّوال بحور
ولم يشهدوا الصهريج والخيل حوله لديه «٧» فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر وخيل لها بعد الصّهيل شخير
ليالي هشام بالرّصافة قاطن وفيك ابنه، يا دير، وهو أمير
إذ العيش غضّ والخلافة لدنة وأنت طرير والزّمان غرير
وروضك مرتاض ونورك نيّر وعيش بني مروان فيك نضير
بلى فسقاك الغيث صوب غمامة «٨» عليك لها «٩» بعد الرّواح بكور
تذكّرت قومي خاليا فبكيتهم بشجو ومثلي بالبكاء جدير
فعزّيت نفسي وهي نفس إذا جرى لها ذكر قومي أنّة وزفير «١٠»