فقلت له: إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني. فقال لي: صدقت. وأنفذ إليّ خمسة آلاف درهم.
قال أبو خليفة الفضل بن الحباب «١» :
كان في جوارنا رجل حذّاء «٢» فاحتاج في أمر له أن يتظلم إلى الواثق [فشخص إلى سرّ من رأى، ثم عاد]«٣» فأخبرنا أنه رفع قصته إليه فأمر بردّه إلى ابن أبي دؤاد مع جماعة من المتظلمين قال: فحضرت إليه ينظر في أمور الناس، وتشوّفت «٤» لينظر في أمري فأومأ إليّ بالانتظار، فانتظرت حتى لم يبق أحد فقال لي: أتعرفني؟ قلت: ولا أنكر القاضي. قال:
ولكني أعرفك، مضيت يوما في الخلاء «٥» فانقطعت نعلي، وأعطيتني شسعا لها، فقلت لك: إنّي أجيئك بثواب ذلك، فتكرهت قولي، وقلت: وما مقدار ما فعلت، امض في حفظ الله، والله لأصلحنّ زمانك كما أصلحت نعلي، ثم وقع لي في ظلامتي، ووهب لي خمس مئة درهم، وقال: زرني في كل وقت. قال: فرأيناه بمتسع الحال بعد أن رأيناه مضيّقا.
حدث أبو مالك حريز بن أحمد بن أبي دؤاد قال «٦» :
قال الواثق يوما لأبي- تضجرا «٧» بكثرة حوائجه-: يا أحمد، قد اختلت بيوت الأموال بطلبائك «٨» ، اللائذين بك والمتوسلين إليك فقال: يا أمير المؤمنين، نتائج شكرها متصلة بك، وذخائر أجرها مكتوبة لك، وما لي من ذلك إلا عشق اتّصال الألسن بحلو المدح فيك.
فقال: يا أبا عبد الله، والله لا منعناك ما يزيد في عشقك، ويقوّي من همتك، فتناولنا بما أحببت.
[قال أبو بكر الخطيب]«٩» : [أخبرني الحسين بن علي الحنفي، حدثنا محمد بن عمران