وليس نسيم المسك «١» ريح حنوطه ولكنّه ذاك الثّناء المخلّف
وليس صرير النّعش ما تسمعونه «٢» ولكنها أصلاب قوم تقصّف
قال الحسن بن ثواب «٣» :
سألت أحمد بن حنبل عمن يقول القرآن مخلوق قال: كافر. قلت فابن أبي دؤاد؟ قال:
كافر بالله العظيم. قلت: بماذا كفر؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال الله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
[سورة البقرة، الآية: ١٢٠] فالقرآن من علم الله، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم. قال علي بن الموفق «٤» :
ناظرت قوما أيام المحنة. قال: فنالوني بما أكره، فعدت إلى منزلي وأنا مغموم بذلك، فقدمت إليّ امرأتي عشاء، فقلت لها: لست آكل، فرفعته، ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم داخل المسجد وفي المسجد حلقتان يعني: إحداهما فيها أحمد بن حنبل وأصحابه، والأخرى فيها ابن أبي دؤاد وأصحابه، فوقف بين الحلقتين وأشار بيده فقال: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ
[سورة البقرة، الآية: ١٢٠] وأشار إلى حلقة ابن أبي دؤاد فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ
[سورة الأنعام، الآية: ٨٩] وأشار إلى الحلقة التي فيها أحمد بن حنبل.
قال محمد بن يحيى الصولي:
كان المتوكل يوجب لأحمد بن أبي دؤاد ويستحيي أن ينكبه، وإن كان يكره مذهبه، لما كان يقوم به من أمره أيام الواثق، وعقد الأمر له والقيام به من بين الناس، فلما فلج أحمد بن أبي دؤاد في جمادى الآخرة «٥» سنة ثلاث وثلاثين ومئتين أول ما ولي المتوكل الخلافة ولّى المتوكل ابنه محمد بن أحمد أبا الوليد القضاء ومظالم العسكر مكان أبيه، ثم عزله عنها يوم