للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرفعت الحب فما مضت إلّا سنون من خلافته حتى فنيت تلك الغوالي واحتاج إلى أن عجن غالية بمال عظيم.

قال أبو محمد عبد الله بن حمدون «١» : قال لي المعتضد ليلة وقد قدم له عشاء: لقّمني، قال: وكان الذي قدّم فراريج ودراريج، فلقمته من صدر فرّوج فقال: لا، لقّمني من فخذه، فلقمته لقما، ثم قال: هات من الدراريج «٢» ، فلقّمته من أفخاذها، فقال: ويلك هو ذا تتنادر عليّ؟! هات من صدورها، فقلت: يا مولاي، ركبت القياس، فضحك، فقلت: إلى كم أضحكك ولا تضحكني؟ قال:

شل المطرح وخذ ما تحته. قال: فشلته فإذا دينار واحد، فقلت: آخذ هذا؟ فقال: نعم، فقلت: يا لله هو ذا تتنادر أنت الساعة عليّ! خليفة يجيز نديمه بدينار؟! فقال: ويلك لا أجد لك في بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسي أن أعطيك من مالي شيئا، ولكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار، فقبّلت يده، فقال: إذا كان غدا وجاءني القاسم- يعني ابن عبيد الله- فهو ذا أسارّك- حتى تقع عيني عليه- سرارا طويلا التفت فيه إليه كالمغضب، وانظر أنت إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر المترثي له، فإذا انقطع السرار فيخرج ولا يبرح الدهليز أو تخرج، فإذا خرجت خاطبك بجميل وأخذك إلى دعوته، وسألك عن حالك، فاشك الفقر والخلة وقلة حظك مني، وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، واطلب كلّ ما تقع عينك عليه، فإنه لا يمنعك حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها، فسيسألك عما جرى بيننا، فأصدقه، وإياك أن تكذبه وعرّفه أن ذلك حيلة مني عليه حتى وصل إليك هذا، وليكن إخبارك له بعد امتناع شديد، وأحلاف منه لك بالطلاق والعتاق أن يصدّقه، وبعد أن يخرج من داره كل ما يعطيك «٣» .

فلما كان من غد حضر القاسم، فحين رآه بدأ يسارّني، وجرت القصة على ما واضعني «٤» عليه، فخرجت فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني، فقال: يا أبا محمد، ما هذا