وحدث ببخارى إملاء عن عبد الله بن محمد بن ناجية بسنده عن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ينزل الله- عز وجل- إلى السماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لكلّ مسلم إلّا مشرك أو مشاحن»«١»
[١٤٠٠٩] .
قال الحاكم: سمعت أبا محمد المزني يقول:
حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه صحيحة. وورد في التنزيل ما يصدّقه وهو قوله عز وجل: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا
[سورة الفجر، الآية: ٢٢] والنزول والمجيء صفتان منفيتان من صفات الله عز وجل من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات الله عز وجل بلا تشبيه، جلّ الله عما تقول المعطلة بصفاته والمشبّهة بها علوا كبيرا.
وكان أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني إمام أهل العلم والوجوه وأولياء السلطان بخراسان في عصره بلا مدافعة. وكان مجاورا بمكة، فورد الكتاب من مصر بأن يحجّ أبو محمد بالناس، ويخطب بعرفات ومنى وتلك المشاعر. قال: فصلى بنا بعرفات، وأتم الصلاة، فصاح الناس وعجّوا، فصعد المنبر فقال: أيها الناس، أنا مقيم وأنتم على سفر، ولذلك أتممت «٢» .
توفي أبو محمد غدوة يوم الثلاثاء السابع عشر من رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مئة. وحمل بعد الظهر تابوته إلى السهلة، فوضع على باب السلطان يعني- ببخارى- وحمل الوزير أبو علي البلعمي تابوته أحد شقيه على عاتقه بعد الصلاة، وقدم ابنه للصلاة عليه، وقدمت البغال وحملوا جثته الطيبة إلى وطنه الذي قتله حبّه، بهراة ودفن بها «٣» .