طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، فلما بلغ منه الغاية حمل كتبه كلها إلى البحر فغرّقها، وقال: يا علم، لم أفعل بك هذا تهاونا بك، ولا استخفافا بحقك، ولكني كتب أطلبك لأهتدي بك إلى ربي، فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك.
قال يوسف بن الحسين «٣» : كان بين أبي سليمان وأحمد بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في شيء يأمره به، فجاءه يوما وهو يتكلم في مجلسه فقال: إنّ التنّور قد سجر فما تأمر؟ فلم يجبه، فقال مرتين [أو]«٤» ثلاثة، فقال أبو سليمان: اذهب فاقعد فيه، كأن ضاق به قلبه. وتغافل أبو سليمان ساعة، ثم ذكر فقال: أطلبوا أحمد فإنه في التنور لأنه على عقد ألّا يخالفني، فنظروا فإذا هو في التنور لم تحترق منه شعرة.
قال محمد بن الفيض: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول لرجلين وأنا ثالثهما، وسألاه عن شيء فقال:
والله لولا ما قد جرى أو مضى من السّنّة وسار في الناس من تقدمة أبي بكر، وعمر، وعثمان ما قدّمنا على عليّ أحدا. يعني لسابقته وفضله وقدمته.
قال ابن الفيض:
أدركت من شيوخنا من شيوخ دمشق ممن يربّع بعلي بن أبي طالب، وذكر قوما فيهم أحمد بن أبي الحواري.