للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بأنطرسوس «١» ، فلما أن صلى العتمة «٢» قام يصلي على الحائط، فاستفتح ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُفطفت الحائط كله، ثم رجعت إليه، فإذا هو لا يجاوز إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

. ثم رجعت فنمت ليلتي جمعاء، فلما كان السحر قبل انشقاق الفجر مررت بأحمد بن أبي الحواري، وهو يقرأ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

فلم يزل يرددها من العتمة إلى الصبح «٣» .

قال عبد الله بن أحمد ابن أبي الحواري:

كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول قد مات، ثم نسمع ضحكه حتى نقول قد جنّ.

قال الحسن بن حبيب: سمعت أبي يقول:

خرجت مع أحمد بن أبي الحواري إلى رباط بيروت، فلم تزل الهدايا تجيئه من أول النهار إلى نصف النهار، ثم أقامني ففرقها إلى أن غابت الشمس، وقال لي: كن كذا يا حبيب لا تزد على الله ولا تدخر عنه «٤» ، فلما كان في الليل خرجت معه إلى سور البلد، فسمع الحارس يقول: قل لزين الحنان: ردّ السلام، فصاح وسقط، وقال: قل لكل قلب يلحق حيث يشاء.

قال أحمد بن أبي الحواري:

دخلت على بعض المتعبدين أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: بحال شريفة، أسير كريم في حبس جواد مع أعوان صدق، والله لو لم يكن مما ترون لي عوض إلّا ما أودع في قلبي «٥» من محبته لكنت حقيقا على أن أدوم على الرضى عنه، وما الدنيا وما غاية البلاء فيها؟

هل هو إلّا ما ترون بي من هذه العلة؟ وأوشك لئن استبد بي الأمر قليلا لترحّلني إلى سيدي، ولنعمت علة رحلت بمحبّ إلى محبوب قد أضرّ به طول التخلف عنه.