للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن ننطلق إلى ملك مصر «١» ، فنستجيره، وندخل في ذمته. فقال إرميا: ذمّة الله أوفى الذّمم لكم، وإنكم لا يسعكم أمان أحد في الأرض إن أخافكم الله، وإن أمان الله هو أوسع لكم. قالوا: إن الأمر كما تقول، لو كان الله راضيا عنا، ولكن الله ساخط علينا، ولسنا نأمن سطوته أن يسلمنا إلى عدوّنا، فانطلقوا إلى ملك مصر. فأوحى الله إلى إرميا أنهم لو أطاعوا أمرك ثم كنت أطبقت عليهم السماء والأرض، لجعلت لهم من بينهما مخرجا، وما كنت لأخفرك لو أطاعوك، وإنّي لأقسم بعزّتي لأعلمنّهم أنه ليس لهم ملجأ ولا محيص إلّا طاعتي، واتّباع أمري، فلما وردوا على ملك مصر شكوا إليه شأنهم. فقال: أنتم في ذمّتي وجواري، فسمع بذلك بخت نصّر، فأرسل إلى ملك مصر أن لي قبلك عبيدا أبقوا «٢» مني، فابعث بهم إليّ مصفّدين وإلّا فأذن بحرب، فكتب إليه ملك مصر: إنك كاذب ما هم بعبيد. إنهم أبناء الأحرار، وأهل النبوّة والكتاب، ولكنك ظلمتهم واعتديت، فلما سمع بذلك إرميا رحمهم، فبادر إليهم ليشهدهم. فأوحى الله إليه: إني مظهر بخت نصّر على هذا الملك الذي اتخذوه حرزا «٣» . فقال لهم ذلك إرميا، فإن لم تطيعوني أسركم بخت نصّر وقتلكم، فإنّ آية ذلك أن الله قد أراني موضع سرير بخت نصّر الذي يضعه فيه بعد ما يظفر بمصر وملكها، ثم عمد فدفن أربعة أحجاز في الموضع الذي يضع بخت نصّر فيه سريره، ثم قال: تقع كلّ قائمة من سريره على حجر منها. قال: فلجّوا في رأيهم، فسار بخت نصّر، فأسر الملك «٤» وبني إسرائيل، وقتل جنوده، وقسم الفيء، وأراد قتل الأسارى وقد وضع سريره في ذلك الموضع، فوقعت كلّ قائمة منه على حجر من تلك الأحجار التي دفن إرميا. فقال له بخت نصّر: ألا أراك مع أعدائي بعد أن أمّنتك وأكرمتك؟! قال له إرميا: إنما جئتهم محذّرا أخبرتهم خبرك، وقد وضعت لهم علامة من تحت سريرك، وأيتهم هذا المكان الذي يوضع فيه سريرك، فإنّ تحت كل قائمة حجرا دفنته، فلما رفع سريره وجد مصداق ما قال، فقال لإرميا: لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك، وما بي إلى قتلهم من حاجة، ولكن أقتلهم غضبا