سألني ابن عباس عن قصة بخت نصّر فقصصتها عليه، فقال ابن عباس: ما شبّهت إيمانه إلّا بإيمان سحرة فرعون حين قالُوا: آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى
[سورة طه، الآية:
٧٠] .
وكان وهب بن منبّه يقول:
لما مسخ بخت نصّر كان في ذلك يعقل عقل الإنسان، ثم ردّ الله روحه فدعا إلى توحيد الله، وقال: كل إله باطل إلّا إله السماء.
قال بكار:
فقيل لوهب: أمؤمنا مات؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم:
قد آمن قبل أن يموت، وقال بعضهم: قتل الأنبياء، وحرّق الكتب، وخرّب بيت المقدس، فلن تقبل منه التوبة.
وقيل: إن بخت نصّر لما قتل بني إسرائيل وخرّب بيت المقدس، وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، فأراد أن يتناول السماء، فجمع بني إسرائيل وعظماء أهل بابل ممن عنده علم، فقال لهم: إنّي قد قهرت أهل الأرض، فأريد أن أتناول ملك السماء، فهل عندكم علم أو حيلة أصعد إلى السماء؟ فقالوا: لا. فقال لهم: انطلقوا فاطلبوا لي حيلة أصعد بها إلى السماء. فسلّط الله عليه بعوضة، فدخلت منخره، فوقعت في دماغه فلم تزل البعوضة تعذّبه وتأكل دماغه، فلم يزل ينطح رأسه على الحجر حتى مات، ثم أوصى أن شقّوا هامته فينظروا ما كان فيه. قال: ففعلوا، فرأوا قدرة الله، فإذا هم ببعوضة قد تعلّقت بدماغه.
والله أعلم أي ذلك كان.
قالوا:
وملك بخت نصّر خمس وأربعون سنة، منها تسع عشرة سنة قبل خراب أورشلم- وهي بيت المقدس- وسباء بابل، وست وعشرون سنة بعد الخراب. قالوا: كان أمره بعد ما رفع عيسى بن مريم، وقيل: كان قبل عيسى بن مريم، وقيل: كان قبل الاسكندر والمسيح بأكثر من ثلاث مئة سنة. قالوا: ومن زمن آدم إلى سبي بابلأربعة آلاف وتسع مئة وثمان عشرة سنة.