سنة خمس وخمسين وأربعمئة، فأقام فيها إلى أن جرى بينه وبين الجند والرعية ما خاف منه على نفسه، فخرج منها هاربا إلى ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة ست وخمسين.
ثم إنه قدمها مرة ثانية في سنة ثمان وخمسين وأربعمئة في يوم الأحد سادس شعبان واليا عليها وعلى الشام بأسره، فوقع الخلاف بينه وبينهم مرة ثانية في يوم الجمعة تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ستين وأربعمئة فهرب وخرب القصر الذي خارج باب الجابية خرابا لم يعمر بعده، وولي دمشق بعد هروبه عنها. وفي المرة الثانية جرت بينهم حروب وأحرق أهل البلد القصر. ونهبوا ما فيه ثم عاد إلى دمشق مقاتلا في يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رمضان سنة ستين، وأقام على مسجد القدم بعسكر يكثر عدده وتوجه إلى مصر] .
[قال الذهبي]«١» :
[قيل «٢» : بل ركب البحر من صور إلى دمياط لما علم باضطراب أمور مصر، وشدة قحطها فهجمها بغتة، وسرّ بمقدمه المستنصر الإسماعيلي وزال القطوع عنه، والذل الذي قاساه من ابن حمدان «٣» وغيره، فلوقته قتل عدة أمراء كبار في الليل، وجلس على تخت الولاية، وقرأ القارىء: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ
[سورة آل عمران، الآية: ١٢٣][ولم يتم الآية، فقال المستنصر: لو أتمها ضربت عنقه] »
وردت أزمة الأمور إليه، فجهز جيشا إلى دمشق، فلم يظفروا بها.
أنشأ بالاسكندرية جامع العطارين، وكان بطلا شجاعا مهيبا من رجال العلم] .
[كان من الرجال المعدودين في ذوي الآراء وقوة العزم والشهامة وكان وزير السيف والقلم، وإليه قضاء القضاة والتقدم على الدعاة، وساس الأمور أحسن سياسة]«٥» .
[قصد علقمة بن عبد الرزاق العليمي باب بدر فرأى عليه أشراف الناس وكبارهم