لما بعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم، وظهر أمره بمكة، خرجت إلى الشام، فلما كنت ببصرى «٢» أتتني جماعة من النصارى، قالوا: أمن الحرم أنت؟ قلت: نعم. قالوا: فتعرف هذا الذي تنبأ فيكم؟ قلت: نعم. قال: فأخذوا بيدي، فأدخلوني ديرا لهم فيه تماثيل وصور، فقالوا لي: انظر، هل ترى صورة هذا النبي الذي يبعث فيكم؟ فنظرت فلم أر صورته، قلت:
لا أرى صورته، فأدخلوني ديرا أكبر من ذلك الدير، وإذا فيه تماثيل وصور أكثر مما في ذلك الدير، فقالوا لي: انظر، هل ترى صورته؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصورته، وإذا أنا بصفة أبي بكر وصورته، وهو آخذ بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا لي: هل ترى صفته؟
قلت: نعم، فقلت: لا أخبرهم حتى أعرف ما يقولون، قالوا: أهو هذا؟ قلت؟ وأشاروا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: اللهم [نعم]«٣» أشهد أنه هو، قالوا: أتعرف هذا الذي أخذ بعقبه؟ قلت: نعم، قالوا: نشهد أن هذا صاحبكم، وأن هذا الخليفة من بعده.
وحديث جبير أيضا قال «٤» : كنت أكره أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لما ظننت أنهم سيقتلونه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رأسهم، فأخبروه فقال: أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثا. فلما مرت ثلاث رأوه لم يذهب، فانطلقوا إلى صاحبهم فأخبروه فقال: قولوا له: قد أقمنا لك حقك الذي ينبغي لك، فإن كنت وصبا فقد ذهب وصبك «٥» ، وإن كنت واصلا فقد نأل «٦» لك أن تذهب إلى من تصل، وإن كنت تاجرا فقد نأل لك أن تخرج إلى تجارتك، قال: ما كنت واصلا ولا تاجرا وما أنا بنصب، فذهبوا إليه فأخبروه فقال: إن له لشأنا فسلوه ما شأنه؟ قال: فأتوه فسألوه فقال: لا والله إلا أني في قرية إبراهيم، وابن عم «٧» يزعم أنه نبي