وقتل الجراح لثمان بقين من رمضان سنة اثنتي عشرة ومئة «١» ، وغلبت الخزر «٢» على أذربيجان وساحت خيولهم حتى بلغوا قريبا من الموصل «٣» . وذكر الواقدي:
أن البلاء كان بمقتل الجراح على المسلمين عظيما، فبكى عليه في كل جند من أجناد العرب ومصر من أمصار المسلمين «٤» .
حدث إسماعيل بن عبيد الله مولى الحارث بن هشام، قال:
قدمت علينا امرأة يمانية عليها ثياب اليمن فقالت: هل تعرفون أبا المقدام رجاء بن حيوة؟ قلنا: نعم. قالت: رأيت رجلا في النوم فقال: أنا أبو المقدام رجاء بن حيوة فقلت:
ألم تمت؟ قال: بلى، ولكن نودي في أهل الجنة أن يتلقوا روح الجراح بن عبد الله الحكمي، وذلك قبل أن يأتيهم نعي الجراح، فكتبوا الوقت، فجاءهم أن الجراح قد قتل يومئذ بأرمينية، جاشت عليه الخزر فقتلوه.
قال أبو مسهر:
قال الجراح يوم قتل لأصحابه: أيها القواد وأمراء الأجناد، فيم اهتمامكم؟! غدوتم أمراء، وتروحون شهداء، اللهم إذ رفعت عنا النصر فلا تحرمنا الصبر والأجر ثم قال:
لم يبق إلّا حسبي وكفني وصارم تلذّه يميني
وقاتل حتى قتل.
وأنشد أبو مسهر للفرزدق من أبيات «٥» :
لقد صبر الجرّاح «٦» حتى مشت به إلى رحمة الله السّيوف الصوارم