لم يهمزه جعله من الحطاة وهي القملة الصغيرة، شبه بها لقصره وقربه من الأرض، وكان جوالا في الآفاق يمتدح الأماثل ويستجديهم.
وقدم حوران ممتدحا لعلقمة بن علاثة فمات علقمة قبل أن يصل إليه.
ولما أطلق عمر بن الخطاب الحطيئة من حبسه قال له: يا أمير المؤمنين، اكتب لي كتابا إلى علقمة بن علاقة لأقصده به، فقد منعتني التكسب بشعري، فقال: لا أفعل. فقيل له: يا أمير المؤمنين، وما عليك من ذلك علقمة ليس بعاملك فتخشى أن تأثم، وإنما هو رجل من المسلمين، قال: فشفع له إليه، فكتب له ما أراد. فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات، والناس منصرفون عن قبره، فوقف عليه ثم أنشد قوله «١» :
لعمري لنعم المرء من آل جعفر بحوران أمسى أعلقته الحبائل
فإن تحي لا أملك حياتي وإن تمت فما في حياة بعد موتك طائل
وما كان بيني لو لقيتك سالما وبين الغنى إلا ليال قلائل
فقال له ابنه: كم ظننت علقمة يعطيك؟ قال: مئة ناقة يتبعها مئة من أولادها. فأعطاه إياها.
وقيل: إنه بلغه أنه في الطريق يريده، فأوصى له بمثل سهم من سهام ولده.
قال محمد بن سلام «٢» :
قال الحطيئة لكعب بن زهير: قد علمت انقطاعي إليكم أهل البيت وروايتي إليك ولك، فشرفني بأبيات تقولها فيّ. فقال كعب بن زهير:
فمن للقوافي بعدنا من يقيمها «٣» إذا ما ثوى كعب وفوّز «٤» جرول