تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عودا «١» بين أصبعيه فقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العويد «٢» ، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن تناخرتم والله، اذهبوا، فأنتم شيوم «٣» في أرضي- والشيوم الآمنون- من سبكم غرم، ثم من سبّكم غرم، ثم من سبّكم غرم، فأنا ما أحب أن لي دبرا «٤» وأني آذيت رجلا منكم- والدبر بلسانهم الذهب- فو الله ما أخذ الله تعالى مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها، واخرجا من بلادي. فرجعا مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به. فأقمنا مع خير جار، وفي خير دار.
فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فو الله ما علمنا حزنا حزنا قط كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرا، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض: من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ننظر على من تكون؟
فقال الزبير وكان من أحدثهم سنا: أنا، فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس «٥» ، فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه. فجاءنا الزبير فجعل يليح «٦» إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا، فقد أظهر الله تعالى النجاشي، فو الله ما علمنا «٧» فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة، وأقام من أقام.