للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مولى مغرى بالأدب، وكانت قد أخذت عنه ورورت الأشعار، وكان المتوكل بها معجبا، فغضب عليها ومنع جواري القصر من كلامها، فكانت في حجرتها لا يكلمها أحد أياما، فرأته في المنام كأنه قد صالحها. قال علي: فلما أصبح دخلت عليه فقال: يا علي، أشعرت أنّي رأيت محبوبة في منامي كأني قد صالحتها وصالحتني! فقلت: خيرا يا أمير المؤمنين، إذا يقرّ الله عينك، ويسرّك، فو الله إنا لفيما نحن فيه من حديثها، إذ جاءت وصيفة لأمير المؤمنين فقالت: يا سيدي، سمعت صوت عود من حجرة محبوبة، فقال أمير المؤمنين: قم بنا يا علي ننظر ما هذا الأمر! فنهضنا حتى أتينا حجرتها، فإذا هي تضرب بالعود وتقول:

أدور في القصر لا أرى أحدا أشكو إليه ولا يكلّمني

حتى كأنّي أتيت «١» معصية ليست لها توبة تخلّصني

فهل شفيع لنا «٢» إلى ملك قد رآني «٣» في الكرى فصالحني

حتّى إذا ما الصّباح لاح لنا عاد إلى هجره فصارمني

قال: فصاح أمير المؤمنين وصحت معه، فسمعت فتلقت أمير المؤمنين، وأكبّت على رجليه تقبلهما فقالت: يا سيدي، رأيتك في ليلتي هذه كأنك قد صالحتني. فقال: وأنا والله قد رأيتك، فردّها إلى مرتبتها كأحسن ما كانت.

فلما كان من أمر المتوكل ما كان «٤» ، تفرقن وصرن إلى القوّاد، ونسين أمير المؤمنين، فصارت محبوبة إلى وصيف الكبير، فما كان لباسها إلا البياض، وكانت تنتحب وتشهق، إلى أن جلس وصيف يوما للشرب، وجلس جواري المتوكل يغنينه، فما بقيت منهن واحدة إلّا تغنت غيرها. فقالت: إن رأى الأمير أن يعفيني فأبى. فقال لها الجواري: لو كان في الحزن فرج لحزنا معك. وجيء بالعود فوضع في حجرها فأنشأت تقول:

أيّ عيش يطيب «٥» لي لا أرى فيه جعفرا