وأما جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فكان أشهر من أن يذكر [وأبين من أن يظهر]«١» وكان أيضا من ذوي الفصاحة واللّسن والبلاغة.
يقال: إنه وقع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ونظر في جمعيها فلم يخرج بشيء منها عن موجب الفقه. وكان أبوه يحيى بن خالد قد ضمّه إلى أبي يوسف القاضي «٢» حتى علّمه وفقّهه. وغضب الرشيد عليه في آخر عمره فقتله «٣» ، ونكب البرامكة لأجله. كان «٤» أبو علقمة الدمشقي «٥» - صاحب الغريب- عند جعفر بن يحيى في بعض لياليه التي يسمر فيها، فأقبلت خنفساءة إلى أبي علقمة فقال: أليس يقال إن الخنفساء إذا أقبلت إلى الرجل أصاب خيرا! قالوا: بلى، قال جعفر بن يحيى: يا غلام، أعطه ألف دينار، قال:
فنحوها عنه فعادت إليه، فقال: يا غلام، أعطه ألف دينار، فأعطاه ألفي دينار.
خرج «٦» عبد الملك بن صالح مشيّعا لجعفر بن يحيى البرمكي، فعرض عليه حاجاته فقال له: قصارى كل مشيّع الرجوع، وأريد أعز الله الأمير أن تكون لي كما قال بطحاء العذري:
وكوني على الواشين لدّاء شغبة فإنّي على الواشي ألدّ شغوب
فقال جعفر: بل أكون لك كما قال جميل:
وإذا الواشي وشى يوما بها نفع الواشي بما جاء يضرّ «٧»
كان «٨» أحمد بن الجنيد الإسكافي أخصّ الناس بجعفر بن يحيى، فكان الناس