قال: ومن هذا عظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدني ولا مدنّ، يخرج من بيت ذي يزن.
قال: فهل يدوم سلطانه أو ينقطع؟ قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل، يكون الملك من قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم تجزى فيه الولاة، ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات، وبجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. قال: أحق ما تقول؟ قال: إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض، إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض. فلما فرغ من مسألتهما وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ، فأسكنهم الحيرة. فمن بقية ربيعة كان النعمان ملك الحيرة. زاد غيره: وهو النعمان ابن المنذر بن النعمان ابن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، وأبو الفرج غيث بن علي الخطيب، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس قالوا: أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن محمد بن أحمد بن عثمان أنا جدي أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل الخرائطي. نا علي بن حرب، نا أبو أيوب يعلى بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلي، حدثني مخزوم بن هانىء المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومئة سنة قال «١» :
لما كان ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة «٢» ، ورأى الموبذان «٣» إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.
فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن- وقال الفقيه: أنه- لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره. ثم بعث إليهم فلما