البيهقي، قالا: أنا أبو بكر «١» أحمد بن الحسين، أنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، أنا أبو الموجه، أنا عبدان، أنا عبد الله يعني ابن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر، قال:
خرجنا في جنازة على باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلمّا صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة: يا أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون «٢» أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر، وهو هذا- يشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما «٣» وسّع الله، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله، فتبيضّ وجوه وتسوّد وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق ولا يعطيان شيئا، وهو المثل الذي ضرب الله عز وجل في كتابه أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
[سورة النور، الآية: ٤٠] ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، يقول المنافق للذين آمنوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ، قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً
[سورة الحديد، الآية: ١٣] وهي خدعة التي خدع بها المنافق، قال الله عز وجل:
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ [سورة النساء، الآية: ١٤٢] ويرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا، فينصرفون إليه وقد ضرب بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ، باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، يُنادُونَهُمْ: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ