عبيد، نا هشام بن محمد، عن أبيه، والزيادي عن الشرّقي، وابن الأعرابي عن الفضل قالوا:
كان ملك من ملوك غسان يطلب ذحلا «١» في فخذ من عاملة يقال لهم بنو ساعدة، وبنو عاملة من قضاعة، فأخذ رجلين منهم يقال لهما سماك ومالك ابنا عمرو، فاحتبسهما زمانا ثم أخرجهما من محبسهما، فقال لهما: إني قاتل أحدكما فأيكما أقتل؟ فقال كل واحد منهما:
اقتلني أنا وكفّ عن أخي، فقتل سماكا وخلّى عن مالك فلما قدّم سماك للقتل أنشأ يقول:
إلام سحت «٢» ليلة عامد كما ابد «٣» ليلة واحدة
فأبلغ قضاعة أن جيتهم وحص سراة بني ساعدة
وأبلغ نزارا على بابها بأن الرماح هي العائدة
وأقسم لو قتلوا مالكا لكنت لهم حيّة راصدة
برأس سبيل علي مرقب ويوما عليّ طرق واردة
فأم سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الوالدة
فانصرف مالك إلى أمه ومنزله بعد قتل أخيه فمكث أياما، فبينا هو جالس مع أمه مرّ بهم ركب، فتمثّل بعضهم بهذا الشعر:
فأقسم لو قتلوا مالكا لكنت لهم حيّة راصدة
فقالت أمّه: أخزى الله الحياة بعد سماك، يا بني، أخرج فاطلب بدم أخيك، فتأهب وخرج فتلقّى ركبا فيهم قاتل أخيه فقال: من أحس لي الجمل الأحمر، فعرفوه، وعلموا بغيته، فقالوا له: خذ مائة ناقة وانصرف، فأبى وحمل على قاتل أخيه فقتله، وكان قاتل أخيه رجلا من بني قمير، وقمير من غسان وأنشأ يقول: