قال محمد بن عمر «١» : ولما أسر سهيل بن عمرو قال عمر: يا رسول الله أنزع ثنيته «٢» يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لا أمثّل [به] «٣» فيمثّل الله بي، وإن كنت نبيا ولعله يقوم مقاما لا تكرهه» فقام سهيل بن عمرو حين جاءه وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم بخطبة أبي بكر بمكة «٤» كأنه كان يسمعها. فقال عمر حين بلغه كلام سهيل: أشد إنك رسول الله صلى الله عليك وسلم حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لعله يقوم مقاما لا تكرهه» . وكان «٥» سهيل بن عمرو لما كان بشنوكة «٦» كان مع مالك بن الدّخشم فقال: خلّ «٧» سبيلي للغائط، فقام به، فقال سهيل: إنّي احتشم، فاستأخر عني، فاستأخر عنه، ومضى سهيل على وجهه، لينزع يده من القران «٨» ويمضي. فلما أبطأ سهيل على مالك أقبل فصاح في الناس، فخرجوا في طلبه وخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم في طلبه، فقال:«من وجده فليقتله» فوجده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [قد دفن]«٩» نفسه بين سمرات، فأمر به، فربطت يداه إلى عنقه، ثم قرنه إلى راحلته، فلم يركب خطوة حتى قدم المدينة فلقي أسامة بن زيد.
فحدّثني إسحاق بن حازم، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله قال: لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد، [و]«١٠» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على راحلته القصواء «١١» ، فأجلسه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين يديه، وسهيل مجنوب «١٢» ، يداه إلى عنقه، فلما نظر أسامة إلى سهيل قال: يا رسول الله أبو يزيد؟ قال:«نعم، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز» .