أتي محمد بن هشام بامرأة حملت من الزّنى، وقد كانت تحت عبد، فأرسل محمد إلى مكحول الدّمشقيّ وعطاء بن أبي رباح، فسألهما عن ذلك فقال مكحول: قد سمعت أنه يحصنها «١» ولست آمرك فيها بشيء: وقال عطاء: لا يحصنها. لمّا كان محمد بن هشام بن إسماعيل على مكّة، جلس في الحجر فاختصم إليه عيسى ابن عبيد الله وعثمان بن أبي بكر بن عبيد الله الحميديّان، فتوجّه القضاء على أحدهما، فقال محمد بن هشام: أيا ابن الوحيد، والله لأقضين بينكما بقضاء يتحدّث به أهل القريتين «٢» ، لأقضين بينكما قضاء مغيريّا؛ فقال عثمان: صه ادن حبوا، أتدري من الرّجل معك؟ أزهر أزهر، المتسربل المجد، معه إزاره ورداؤه؛ وقال عيسى بن عبيد الله: نوّهت بماجد لماجد، بكر بكر، والله ما أنا بنافخ كير، ولا ضارب زير، ولو بقيت قدماي لانتثرت منها بطحاء مكة، أنا ابن زهير دفين الحجر؛ فقال محمد بن هشام: قوموا فإنكم كنتم وحشا في الجاهلية وما استأنستم في الإسلام؛ فقال أحد الرّجلين: حقّي لصاحبي، لا أريد الخصومة.
يعني: زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ، قبره بالحجر.
كان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن هشام أشياء كانت تبلغه عنه في حياة هشام، فلمّا ولي الخلافة قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن هشام، وأشخصا إليه إلى الشّام، ثم دعا لهما بالسّياط؛ فقال له: أسألك بالقرابة؛ قال: وأيّ قرابة بيني وبينك؟ وهل أنت إلّا من أشجع؟ قال: فأسألك بصهر عبد الملك؛ قال: لم تحفظه؛ فقال: يا أمير المؤمنين قد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يضرب قرشيّ بالسّياط إلّا في حدّ؛ قال: ففي حدّ أضربك وقود، أنت أوّل من سنّ ذلك على العرجي «٣» ، وهو ابن عمّي، وابن أمير المؤمنين عثمان، فما رعيت حقّ جدّه، ولا نسبه بهشام، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر، وأنا وليّ ثأره؛ اضرب يا غلام؛ فضربهما وأوثقهما بالحديد ووجّه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة، وأمره باستصفائهما وتعذيبهما إلى أن يتلفا؛ وكتب إليه: احبسهما مع ابن النصرانيّة يعني خالدا القسريّ، ونفسك