ورجل معه سيف ملطخ بالدم يمسحه على قفاه، ففزعت لما رأيته فقال: قتلت هذا الرجل [لأنه]«١» كان يقول: القرآن مخلوق، تقرّبت إلى الله بدمه.
قال أبو بكر بن عياش «٢» : قلت لهارون: يا أمير المؤمنين، انظر هذه العصابة الذين يحبون أبا بكر وعمر، ويفضلونهم «٣» فأكرمهم يعزّ سلطانك، ويقوى، فقال: أو لست كذلك؟ أنا والله كذلك، أنا والله كذلك، أنا والله أحبهم، وأحب من يحبهم، وأعاقب من يبغضهم.
جاء جنديان يسألان عن منزل أبي بكر بن عياش، قال: فقلت: ما تريدان منه؟ فقالا:
أنت هو؟ قلت: نعم، فقالا: أجب الخليفة، قلت: أدخل ألبس ثوبي، قالا: ليس إلى ذلك سبيل، فأرسلت من جاءني بثيابي، ومضيت معهم إلى الرشيد بالحيرة، فدخلت عليه، فقال:
لا أرانا إلا قد رعناك. إن أبا معاوية الضرير حدثني بحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«يكون قوم بعدي ينبزون «٤» بالرافضة فاقتلوهم، فإنهم مشركون» فو الله لئن كان حقا لأقتلنّهم. فلما رأيت ذلك خفت منه، فقلت: يا أمير المؤمنين، لئن كان ذلك فإنهم ليحبونكم أشد من نبي الله، وهم إليك أميل، فسرّي عنه، ثم أمر لي بأربع بدر «٥» ، فأخذتها. ولقيني رجل منهم فقال: يا أبا بكر، أخذت الدراهم، ما عذرك عند الله؟ فقلت: عذري عند الله أني خلصت من القتل.
دخل ابن السماك على هارون فقال: يا أمير المؤمنين، تواضعك في شرفك أشرف من شرفك «٦» .
وقال له مرة «٧» : يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل لم يجعل أحدا فوقك، فلا ينبغي «٨» أن يكون أحد أطوع لله عز وجل منك.