فقال يحيى بن خالد: يابن السماك، قد أذيت أمير المؤمنين، فقال له: وأنت يا يحيى فلا تغرنك رفاهية العيش ولينه.
قال «١» يحيى بن خالد لابن السماك: إذا دخلت على هارون أمير المؤمنين فأوجز، ولا تكثر عليه، فدخل عليه، وقام بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لك بين يدي الله مقاما، وإن لك من مقامك منصرفا، فانظر إلى أين منصرفك: إلى الجنة أم إلى النار، فبكى هارون حتى كاد أن يموت.
قال الفضيل بن عياض «٢» :
لما قدم الرشيد بعث إلي، فذكر الحديث بطوله وقال: عظنا بشيء من علم، فقلت له:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فجعل يبكي، ويشهق، قال: فرددتها عليه:
يا حسن الوجه، حساب هذا الخلق كلهم عليك، فأخذني الخدم، فأخرجوني، وقالوا: اذهب بسلام.
قال الأصمعي «٣» : كنت عند الرشيد يوما، فرفع إليه في قاض كان استقضاه يقال له: عافية، فكبر «٤» عليه، فأحضره، وفي المجلس جمع «٥» ، فجعل يخاطبه، ويوقفه على ما رفع إليه، وطال المجلس، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمّته من كان بالحضرة ممن قرب منه سواه، فإنه لم يشمّته، فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمّتني كما فعل القوم؟! فقال له عافية: لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد الله، ولذلك لم أشمتك، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم عطس عنده رجلان، فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال: يا رسول الله، ما بالك شمّت ذاك، ولم تشمتني؟ قال:«لأن هذا حمد الله، فشمتناه، وأنت فلم تحمد الله فلم نشمتك» ، فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك، أنت لم