فبكى هارون، فقال الفضل بن يحيى: بعث إليك أمير المؤمنين لتسرّه، فأحزنته، فقال هارون: دعه، فإنه رآنا في عمى فكرة أن يزيدنا عمى.
قال أبو العتاهية «١» :
دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: أبو العتاهية؟ قلت: أبو العتاهية، قال: الذي يقول الشعر؟ قلت: الذي يقول الشعر، قال: عظني وأوجز، فقال «٢» :
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس وإن تمنّعت بالحجاب والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة «٣» لكل مدّرع منا ومتّرس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
قال: فخرّ مغشيا عليه.
جاء هارون الرشيد إلى باب عبد الله بن المبارك فاستأذن، فلم يأذن له، فكتب هارون في رقعة:
هل لذي حاجة إليك سبيل لا طويل قعوده بل قليل
فكتب ابن المبارك على ظهر رقعته:
أنت يا صاحب الكتاب ثقيل وقليل من الثقيل طويل
لما «٤» حبس الرشيد أبا العتاهية جعل عليه عينا يأتيه بما يقول، فوجده يوما قد كتب على الحائط «٥» :
أما والله إن الظلم لؤم «٦» وما «٧» زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute