فقال الرشيد للفضل: يا عباسي، قل للمنشد يعيد، فقال الفضل: يا صاحب الشعر، أعد، فقال: لو قال لي هذا لفعلت- يعني الرشيد- قال الفضل: فهممت بالإقبال عليه، فغمزني الرشيد بالصبر، فقلت له: ولم لا تجيبني؟ فقال لي:
إذا ما رأى الناس الجواد ومقرفا «٢» إذا حربا «٣» قالوا: جواد ومقرف
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، فقال له الرشيد:
ما معك؟ قال: أربع مئة درهم «٤» ، قال: ادفعها إلى المنشد، فأخذها، فضرب الآخر بيده على كتف صاحبه ثم قال «٥» :
وكنت جليس قعقاع بن عمرو «٦» ولا يشقى بقعقاع جليس
فقال الرشيد: يا عباسي، ادع لي أقرب الخدم منك، فدعوت خادما، قال الرشيد: ما معك؟ قال: مئتا دينار، قال: ادفعها إلى المتمثل، فدفعها إليه. قال أبو عبيدة «٧» : فسألني الفضل: ما قصة القعقاع؟ فقلت: أهدي إلى معاوية هدايا يوم المهرجان، فيها جامات ذهب وفضة، فدفع معاوية الجامات إلى جلسائه، ودفع إلى القعقاع جام ذهب، وفي القوم أعرابي لم يعط شيئا، وهو إلى جنب القعقاع، فدفع القعقاع إليه الجام، فأخذه الأعرابي ونهض، وهو يقول:
وكنت جليس قعقاع بن عمرو ولا يشقى بقعقاع جليس
قال أبو محمد الزيدي:
دخلت على الرشيد، فوجدته مكبا ينظر في ورقة فيها مكتوب بالذهب، فتبسم فقلت: