فبايعني منهم- إلى أن كتبت إليك- ثمانية عشر ألفا، فعجّل القدوم، فإنه ليس دونها مانع.
فلما أتاه كتاب مسلم أغذّ السير حتى انتهى إلى زبالة «١» ، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك، وهو عليها «٢» ، فخاف يزيد ألا يقدم النعمان على الحسين، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وهو على البصرة فضم إليه الكوفة، وكتب إليه بإقبال الحسين إليها، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها.
فأقبل عبيد الله بن زياد سريعا، متعمما، متنكرا حتى دخل سوق الكوفة. فلما رآره أهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه، وهم يظنون أنه حسين، وذلك أنهم كانوا يتوقعونه، فجعلوا يقولون لعبيد الله بن زياد: يابن رسول الله، الحمد لله الذي أراناك ويقبلون يده ورجله، فقال عبيد الله: لشد ما فسد هؤلاء «٣» ، ثم دخل المسجد، وصلى ركعتين، وصعد المنبر وكشف وجهه. فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض وأقشعوا «٤» عنه. وبنى عبيد الله بن زياد بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وأتي في تلك الليلة برسول للحسين أرسله إلى مسلم ابن عقيل يقال له عبد الله بن بقطر «٥» فقتله، وكان قدم مع عبيد الله من البصرة شريك بن الأعور الحارثي، وكان شيعة لعلي فنزل أيضا على هانىء بن عروة، فاشتكى شريك، فكان عبيد الله يعوده في منزل هانىء، ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به، فهيؤوا لعبيد الله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم، وأقبل عبيد الله، فدخل على شريك يسأل به، فجعل شريك يقول «٦» :