وهو الذي قتل زيادة بن زيد «١» ، وزيادة بن زيد أحد بني الحارث بن سعد إخوة عذرة. وهو القائل:
وإذا معدّ أوقدت نيرانها للمجد أغضت عامر فتقنعوا
وعامر رهط هدبة بن خشرم، وهم من بني الحارث بن سعد إخوة عذرة.
وكان «٢» سعيد بن العاص كره الحكم بين هدبة وعبد الرحمن بن زيد أخي زيادة بن زيد، فحملهما إلى معاوية، فنظر في القصة، ثم ردّهما إلى سعيد بن العاص وهو والي المدينة لمعاوية. فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي «٣» ، وقتل أخي، وترويع نسوتي، فقال له معاوية: يا هدبة، قل، قال: إن هذا رجل سجّاعة «٤» ، فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاما أو شعرا [فعلت] قال: لا، بل شعرا، فقال هذه القصيدة ارتجالا حتى بلغ قوله:
رمينا فرامينا فصادف رمينا منايا رجال في كتاب وفي قدر
وأنت أمير المؤمنين فما لنا وراءك من معدّى «٥» ولا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لم نضق بها ذراعا وإن صبر فنصبر للصبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت بقتل صاحبهم، ثم قال لعبد الرحمن: هل لزيادة ولد؟
قال: نعم، المسور، وهو غلام جفر «٦» ، لم يبلغ، وأنا عمه، ووليّ دم أبيه، فقال: إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق، والمسور أحق بدم أبيه، فردّه إلى المدينة، فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور.