افتديتهما «١» . ولقد ثقل عليه خروج زيد بن علي، فما كان شيء حتى أتي برأسه، وصلب بدنه بالكوفة. وولي ذلك يوسف بن عمر في خلافة هشام.
ولما ظهر ولد العباس عمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس إلى هشام بن عبد الملك فأمر به، فأخرج من قبره، وصلبه «٢» ، وقال: هذا بما فعل يزيد بن علي، [وقيل:
أحرقه] «٣» .
قعد «٤» هشام بن عبد الملك يوما قريبا من حائط له، فيه زيتون، ومعه عثمان بن حيان المري، وهو يكلمه، إذ سمع هشام نفض الزيتون، فقال هشام لرجل: انطلق إليهم، فقال لهم: التقطوه لقطا، ولا تنفضوه نفضا «٥» ، فتفقا عيونه، وتكسر غصونه.
وكان «٦» هشام بن عبد الملك يقول: ثلاث لا يضعن الشريف: تعاهد الصنيعة، وإصلاح المعيشة، وطلب الحق وإن قل.
قال خالد بن صفوان «٧» :
قدمت على هشام بن عبد الملك، فوجدته في بركة ماء، وفي البركة كراسي عليها أصحابه جلوس، عليهم المناديل، فأمر بثيابي فنزعت، وأعطيت منديلا، فجلست على كرسي، فقال لي: يا خالد ربّ خالد قد جلس مجلسك هو أشهى إلي حديثا، وأحب إلي قربا منك، فعلمت أنه يريد خالدا القسري، فقلت: ما يمنعك من إعادته يا أمير المؤمنين؟ قال:
إنه أدلّ فأملّ، وأوجف فأعجف «٨» ، ولم يدع لذي رجعة مرجعا، ولا إلى عودة مطمعا. ألا أخبرك عنه يا خالد؟ ما سألني حاجة قط حتى أكون أنا الذي أعرضها عليه، قال: قلت: ذاك