فخرج عياض من الحبس، فختم الأبواب والخزائن، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن، فكفنه غالب مولى هشام. ولم يجدوا قمقما يسخن فيه الماء حتى استعاروه، فقال الناس: إن في هذا لعبرة لمن اعتبر.
مر أعرابي بقبر هشام، وخادم له قائم عليه يقول: يا أمير المؤمنين، فعل بنا بعدك كذا وكذا. فقال له الأعرابي: إيه، لو نشر لأخبرك أنه لقي أشدّ مما لقيتم.
كان مكحول يقول:
اللهم، لا تبقني بعد هشام.
وكان هلاك معاوية سنة ستين، وهلاك هشام سنة خمس وعشرين ومئة.
وعن عبد الرحمن «١» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«ترفع زينة الدنيا سنة خمس وعشرين ومئة»
[١٤٣٦٦] .
قال إسحاق بن البهلول: قلت لابن أبي فديك: ما معناه؟ قال: زينتها: نور الإسلام وبهجته.
وفي آخر بمثله:
يعني بالزينة: الرجال «٢» .
مات هشام من ورم أخذه في حلقه، يقال له الحرذون، بالرّصافة «٣»[رصافة هشام]«٤» وعمره إحدى وستون سنة. وقيل: ثلاث وخمسون سنة. وصلى عليه الوليد بن يزيد. وقيل:
صلى عليه مسلمة بن هشام.
[ومن أخبار هشام:
أخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: أراد هشام بن عبد الملك أن يوليني خراج مصر، فأبيت، فغضب حتى اختلج وجهه، وكان في عينه الحول، فنظر إليّ نظر منكر، وقال: لتلين طائعا أو لتلين كارها، فأمسكت عن الكلام حتى سكن غضبه، فقلت: يا أمير