لما هرب الفرزدق من زياد حين استعدى «١» عليه بنو نهشل في هجائه أباهم «٢» أتى سعيدا «٣» ، وهو على المدينة أيام معاوية، فاستجاره فأجاره، والحطيئة وكعب بن جعيل حاضراه فأنشده الفرزدق «٤» : ترى النفر «٥» الجحاجح من قريش إذا ما الأمر «٦» في الحدثان آلى
بني عم النبي ورهط عمرو وعثمان الألى غلبوا فعالا
قياما ينظرون إلى سعيد كأنهم يرون به هلالا
فقال الحطيئة: هذا والله الشعر، لا ما تعلّل به منذ اليوم أيها الأمير، فقال كعب بن جعيل: فضّله على نفسك، ولا تفضّله على غيرك، فقال: بلى والله أفضله على نفسي وعلى غيري. أدركت من قبلك وسبقت من بعدك [ثم قال له الحطيئة يا غلام]«٧» لئن بقيت لتبرزنّ علينا. ثم قال له الحطيئة: يا غلام، أنجدت «٨» أمّك؟ قال: لا بل أبي. يريد الحطيئة: إن كانت أمّك أنجدت، فإني أصبتها، فأشبهتني «٩» ، فألفاه لقن الجواب فنعاه عليه الطرماح حين هجاه فقال «١٠» :
فاسأل قفيرة «١١» بالمرّوت «١٢» هل شهدت سوط «١٣» الحطيئة بين السّجف «١٤» والنّضد