فأقام، فنظر معاوية إلى عمرو فقال: اليوم صبر، وغدا فخر، فقال عمرو: صدقت «١» . قدم أعرابي من بني هلال دمشق في خلافة معاوية، فأتى همام بن قبيصة النّميري، فقال له رجل من بني هلال: أصابتني السنة «٢» ، فأذهبت مالي، فجئت أطلب الفريضة، فكلم لي معاوية، فقال له: إن معاوية علي غضبان، ولست أدخل عليه، ولكني أكلّم لك آذنه يدخلك عليه، فإذا وضع الطعام فكل، ثم علّمه كلاما يكلمه به إن لم يفرض له، فكلم له الآذن، فأدخله. فلما وضع الطعام أكل الأعرابي ثم قام فقال: يا أمير المؤمنين، إنني من بني هلال أصابتني السنة، فأذهبت مالي، فجئت أطلب الفريضة، فقال: وكلما أصابت السّنة أعرابيا أردنا أن نفرض له؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن جلّ من معك أهل اليمن، وقد كان فيهم ملك، فهم، لكنه صوّر، وقد حدثوا بأنه سيرجع إليهم، فإن رأيت أن تفرض لهذا الحي من مضر فتستظهر بهم، فافعل، فقال له معاوية: هذا كلام همام- فعرفه- أبالدوائر تخوّفاني؟! عليك وعلى همام لعنة الله ودائرة السوء، ثم أمر ففرض له. وبلغ هماما الخبر، فقال: إن كنا لنعدّ عقل معاوية يفضل ألف رجل، فما زال به النساء والبنون والشفاعات حتى صار عقله إلى عقل مئة رجل.
لما «٣» بلغ يزيد بن معاوية أن أهل مكة أرادوا ابن الزبير على البيعة، فأبى، فأرسل النعمان بن بشير الأنصاري وهمام بن قبيصة النميري إلى ابن الزبير بن عوام إلى البيعة ليزيد على أن يجعل له ولاية للحجاز، أو ما شاء، وما أحب لأهل بيته من الولاية، فقدما على ابن الزبير، فعرضا عليه ما أمرهما يزيد، فقال ابن الزبير: أتأمروني ببيعة رجل يشرب الخمر، ويدع الصلاة، ويتبع الصيد؟ فقال همام: أنت أولى بذلك منه، فلطمه رجل من قريش، فرجعا إلى يزيد، فغضب، وحلف لا يقبل بيعته إلا وفي يده جامعة.
قال الحجاج لوازع بن ذؤالة الكلبي «٤» : كيف قتلت همّام بن قبيصة؟ قال: مر بي