امرأة يقال لها: مهد «١» . فلما تبيّنت ما فيها صاحت، وصعقت، فلما أفاقت قيل: ماذا رأيت يا مهد «٢» ؟ قالت: رأيت ريحا، فيها كشهب النّار، أمامها رجال يقودونها.
وروى العلماء: أن الريح التي سخرها الله على عاد الجنوب العقيم، وأنه إنما أرسل عليهم منها مثل حلقة الخاتم، ولو أرسل عليهم مثل منخر الثور ما تركت على ظهر الأرض شيئا إلا أهلكته.
وعن الحارث بن حسان قال «٣» :
مررت بعجوز بالرّبذة، منقطع بها من بني تميم، فقالت: أين تريدون، فقلنا: نريد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالت: فاحملوني معكم، فإن لي إليه حاجة. قال: فدخلت المسجد، فإذا هو غاص بالناس، وإذا راية سوداء «٤» تخفق، فقلت: ما شأن الناس اليوم؟ فقالوا: هذا رسول الله يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا «٥» بيننا وبين تميم فافعل، فإنها كانت لنا خاصة، قال: فاستوفزت العجوز، وأخذتها الحمية، فقالت: يا رسول الله، أين يضطر مضطرك «٦» ؟ قلت: يا رسول الله، حملت هذه، ولا أشعر أنها كائنة لي خصما، قال: قلت: أعوذ بالله أن أكون كما قال الأول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«وماذا قال الأول؟» قال: على الخبير سقطت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«هيه، يستطعمه الحديث، قال: إن عادا أرسلوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر شهرا، يسقيه الخمر، وتغنيه الجرادتان «٧» ، فانطلق حتى أتى جبال مهرة «٨» ، فقال: اللهم، إنّي لم آت لأسير فأفاديه، ولا لمريض فأداويه، فاسق عبدك ما كنت ساقيه، واسق معاوية بن بكر شهرا، يشكر له الخمر التي شربها عنده. قال: فمرت سحابات سود،