فحدّثني إسماعيل بن إبراهيم بن إسحاق أن يزيد بن الوليد قام خطيبا «٢» فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد أيها الناس، إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي ولا تزكية عملي، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي ولكني خرجت غضبا لله ودينه، وداعيا إلى كتابه وسنة نبيه حين درست معالم الهدى، وطفىء نور أهل التقوى، وظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمغيّر السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفقت أن يدعوا كثيرا من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولابة من الله وعونا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوّته وولايته وعونه. أيها الناس، إن لكم عندي إن وليت أموركم ألا أضع لبنة على لبنة، ولا حجرا على حجر، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسد ثغرة، وأقسم بين مسالحه «٣» ما يقوون به، فإن فضل فضل رددته إلى البلد الذي يليه وهو أحوج إليه حتى تستقيم المعيشة بين المسلمين وتكونوا فيها سواء، ولا أجمر «٤» بعوثكم فتفتتنوا ويفتتن أهاليكم، فإن أردتكم بيعتي على الذي بذلت لكم فأنا لكم به، وإن ملت فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أحدا هو أقوى عليها مني فأردتم بيعته فأنا أول من بايع ودخل في طاعته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم] . [روى عنه الأوزاعي مسألة في السلم.