إلى شيء أخرجه، فحملت عليه الحجارة، وطولب أعنف مطالبة، فلم تزل الحاجة علي حتى بعت حصر داري قضاء عما فيها، وعرضت دوري، فمنعني من بيعها، ووجه إليّ: فأين تكون حرمك؟
وأنفذ إلي ورقة نسختها: يا أبا الحسن- أعزك الله- قد ألويت بما بقي عليك وهو ستة عشر ألف دينارا، وآثرنا صيانتك عن خطة المطالبة هذه المدة، فإن أزحتالعلة فيها، وإلّا سلمناك إلى أبي الفوارس مزاحم بن خاقان «١» - أيده الله-. فكتبت إليه رقعة أحلف فيها أنّي ما أملك عدد هذه حبّ حنطة، ولو كان لي شيء لصنت به نفسي. فإن رأى السيد رعاية السالف بيني وبينه، وستر تخلفي كان أهلا لما يأتيه، وإن سلمني إلى هذا الرجل رجوت من الله- عز وجل- ما لا يخطىء من رجائه.
فرجع إليّ بعض غلمانه، ومعه رقعة مختومة، فاستركبني، وصار بي إلى مزاحم. فلما قرئت عليه الرقعة أدخلني عليه، وعنده كاتب له يعرف بالمروذي، فعرفني، ولم أعرفه، وكان أبوه في الحارة التي فيها داري بسرّ من رأى. فقال: أنت كاتب إبراهيم بن المهدي؟ قلت:
نعم- أيّد الله الأمير- قال: كنت أراك وأنا صبي في حارتنا، ووالله ما طلب ابن المدبر أن يروج عليّ مالا، وإنما أراد أن أقتلك بالمطالبة. وقد رأيت أن أكتب إلى أمير المؤمنين أعرفه قصور يدك عن أداء المال، وأعلمه خدمتك لسلفه، وأسأله أن يتطول بإسقاط هذه البقية عنك، فإن سهل ذلك وإلّا نجمها عليّ وعلى رجالي حتى يقاضوا بها في كل نجم. ثم قال للمروذي: هذا رجل من مشايخي، وأم زوجته ببغداد تولّت تربيتي، وقد استكتبته على أموري، وما احتاج إلى قباله من الضياع بمصر، وليس يزيلك عن رسمك. فأخذ خاتما له كان يختم به الكتب بحضرته فأعطانيه، وسألني عن العجوز التي ربّته، فقلت له: هي معي بمصر، وانصرفت من عنده إلى منزلي. فكان أول من هنأني بمحلي منه ابن المدبر، ورجعت إلى نعمتي معه في مدة يسيرة.
بلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف قال:
حبس أحمد بن طولون يوسف بن إبراهيم، والدي، في بعض داره، وكان اعتقال