فقال لهما: إنه بلغني أنّ الفاسق يوسف بن عمر قد صار إلى البلقاء، فانطلقا فأتياني به.
فطلباه فلم يجداه، فرهّبا ابنا له، فقال: أنا أدلكما عليه، إنّه انطلق إلى مزرعة له على ثلاثين ميلا، فأخذا معهما خمسين رجلا من جند البلقاء، فوجداه «١» . وكان جالسا، فلما أحسّ بهم هرب وترك بغلته «٢» ، ففتّشا، فوجدا نسوة «٣» ألقين عليه قطيفة خزّ، وجلسن على حواشيها حاسرات، فجروا برجله، فجعل يطلب إلى محمّد بن سعيد أن يرضي عنه كلبا، ويدفع إليه عشرة آلاف دينار، ودية كلثوم بن عمير، وهانىء بن بسر «٤» . فأقبلا به إلى يزيد، فلقيه عامل لسليمان على نوبة من نوائب الحرس، فأخذ بلحيته، فهزّها، ونتف بعضها- وكان من أعظم الناس لحية، وأصغرهم قامة فأدخلاه على يزيد، فقبض على لحية نفسه- وإنها حينئذ لتجوز سرّته- وجعل يقول: نتف والله، يا أمير المؤمنين، لحيتي، فما بقي منها «٥» شعرة. فأمر به يزيد، فحبس في الخضراء، فدخل عليه محمّد بن راشد، فقال: أما تخاف أن يطلع عليك بعض من قد وترت، فيلقي عليك حجرا، فيقتلك؟ قال: لا والله، ما فطنت لهذا، فنشدتك الله ألا كلمت أمير المؤمنين في تحويلي إلى محبس «٦» غير هذا، وإن كان أضيق منه. فأخبرت يزيد، فقال: ما غاب عنك من حمقه أكثر، وما حبسته إلّا لأوجه به إلى العراق، فيقام للناس «٧» ، وتؤخذ المظالم من ماله، ودمه.
قال محمّد بن جرير «٨» ، فحدّثني أحمد بن زهير، حدّثنا عبد الوهّاب بن إبراهيم حدّثنا [أبو]«٩» هاشم مخلد بن محمّد قال:
أرسل يزيد بن خالد القسري مولى لخالد يكنى أبا الأسد في عدة من أصحابه، فدخل