ثم حج من بغداد، وعاد طريق الشام، ولزم الفقيه أبا الفتح نصر الله بن محمّد المصيصي «١» ، وكان يعيد درسه بالزاوية الغربية، وأوصى له بالتدريس فيها، فلم ينفذ وصيته، ودرس فيها مسعود الطريثيثي «٢» المعروف بالقطب، وكان يعيد له درسه، وأعاد الدرس فيها لأبي البركات بن عبد الفقيه «٣» ولأخي أبي الحسين «٤» الحافظ ولأبي سعد بن أبي عصرون الفقيه «٥» ، وحدّث مع أخي ببعض مسموعاته ببغداد. وعلقت عنه شيئا يسيرا، وكان ثقة مستورا. وكان قد نصب للإمامة في جامع دمشق بعد موت أبي محمّد بن طاوس في المحرم سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وكان قبل ذلك يؤم في مسجد العميد ابن الجسطار «٦» بالباب الشرقي مدّة، ثم انتقل إلى إمامة الجامع. وكان قد كتب كتبا كثيرة من كتب العلم في الأصول والفروع. وكان إذا غاب خلفه أبو القاسم العمري الفارسي الصوفي. ولمّا عزم الناس على الحج سنة خمس وخمسين كان عندي في يوم عيد الفطر، فجرى ركب الحج، فقال: لو استفتيت لأفتيت، إن الخروج إلى الحج في هذا العام معصية لقلة الماء في الطريق. فما مضت إلّا أيام حتى عزم على الحج، وحكى لي فضالة بن نصر الله الفرضي عنه أنه قال: أمضي فلعلي أموت في الطريق وحكى لي عنه أنه بعد أن خرج عاد إلى البيت يطلب نطعا له، فقال له أهله: ما تصنع بنطع في الشتاء؟ فقال: لعلي أموت، فأغسل عليه، فكان كما وقع في نفسه.
توفي يوسف صبيحة يوم السبت السادس من صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة بوسادة «٧» عند مرجعه من الحج، ودفن من يومه.