للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلمّا كان تمام أربعين ليلة وهي قدر ما كان قومه في العذاب، وأصابه الغم، فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [سورة الأنبياء، الآية: ٨٧] ، فسمعت الملائكة بكائه، وعرفوا صوته، فبكت الملائكة لبكاء يونس، وقالوا: يا ربّنا، صوت ضعيف حزين نعرفه في مكان غريب! قال: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. فقالوا: يا رب، العبد الصالح الذي كان يصعد له كل يوم وليلة العمل الصالح الكثير؟ قال: نعم.

قال ابن عباس: هذه عقوبته لأوليائه فكيف لأعدائه؟ فشفعت له الملائكة، فبعث الله جبريل إلى الحوت يأمره أن يقذف يونس حيث ابتلعه، قال: فجاء به إلى شاطىء دجلة، فدنا جبريل من الحوت، وقرب فاه من في الحوت، وقال: السّلام عليك يا يونس، رب العزة يقرئك السلام، فقال يونس: مرحبا بصوت كنت خشيت ألّا أسمعه أبدا، ومرحبا بصوت كنت أرجوه قريبا من شدّتي. ثم قال جبريل للحوت: اقذف يونس بإذن الرحمن، فقذفه مثل الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش، فاحتضنه جبريل- وقيل: بقي يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة «١» ليال- وقذفه على الساحل مثل الصبي المنفوس، لم ينقص منه خلقا، ولم يكسر «٢» له عظما «٣» .

وقيل: لمّا أمر الحوت أن يلتقمه قال: يا رب، كنت أشقى خلقك برسولك! فبعث الله حوتا آخر، فجعل يقول للحوت: والله لتلقمن يونس أو لألتقمنّك، فمضى الحوت لأمر الله تعالى. وقيل: أوحى الله إلى الحوت: إنّي لم أجعل يونس لك رزقا، وإنما جعلت بطنك له سجنا «٤» ؛ فلا تهشمن من يونس عظما. وقيل: لمّا استقر في بطن الحوت قال: وعزتك، لأبنين لك مسجدا في مكان لم يبنه أحد قبلي، فجعل يسجد له. وقال تعالى: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ

[سورة الصافات، الآية: ١٤٣] ، أي من المكثرين للصلاة قبل ذلك.

قال الحسن:

شكر الله له صلاته قبل ذلك، فأنجاه بها.