كسرى فضاق علينا منزله فخرج إلى شط دجلة إلى موضع يقال له الرقة فقلنا له يا أبا صالح معنا أحاديث نريد أن نسألك عنها فقال كم أنتم حتى أحدثكم حديثين في الورع أما أحدهما فرأيته بعيني وصحبته برجلي وأما الاخر فحدثني به حبيبي سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري خرجت حاجا فلما كنت على سيف البحر أقبل رجلان كأنما ارتكضا في رحم يعظم كل واحد منهما صاحبه فقالا لي ما يحبك ها هنا فقلت سفينة أركب فيها إلى الحج فبينا نحن كذلك إذ أقبلت سفينة فيها قمح مصبوب فركبنا فيها والقلع مشرع فمد أحد الفتيين يده إلى حبة قمح فألقاها إلى فيه فنظر إليه صاحبة فقال له مه ما صنعت قال سهوت قال وأنا أصحب من يسهو عن الله ثم قال يا ملاح قرب أنزلني وإلا قذفت بنفسي في البحر فتهاون به الملاح فقلت أنا بجهلي به يا هذا من حبة قمح ألقاها صاحبك إلى فيه تلقي نفسك في البحر فلم ينظر إلى صاحبه ونظر إلي فقال لي هيه استصغرت الذنب ولم تنظر من عصي ثم صاح صيحة حتى بلغ رأسه سقف السفينة ثم رفع يضطرب مثل الفرخ المذبوح فرششنا على وجهه الماء حتى أفاق فقال يا ملاح قرب أنزلني وإلا قذفت نفسي في البحر فتهاون به الملاح فاجتمع بأثوابه ثم زج في نفسه في البحر فما كانت إلا غوصة حتى علا الماء إلى صدره ثم غاب عنا فلم نره فقلت أنا لصاحبه يا هذا من حبة قمح ألقيتها إلى فيك طرح صاحبك نفسه في الماء فقال والله إني لرفيقه مذ ثلاثين عاما ما أرى مني زلة غيرها فقلت في نفسي هذا والله يدل على فحوى قوله إنه ما عصى الله عز وجل منذ ثلاثين عاما فقلت له هل لك في الصحبة رحمك الله قال لي هوذا نحن وأنت على هذا العود فكنت معه أخدمه فأنصت لحديثه وأفطر معه ويذكر صاحبه ولا يذكره كأنه لا يشك إلا أنه سيسبقه إلى الموضع الذي يريد فلم نزل حتى أتينا جده ثم نزلنا منها حتى أتينا مكة فبينا يدي في يده في الطواف إذ بصرت بصاحبه فقلت في نفسي لا ينكر لأولياء الله عز وجل أن يسبقوا السفن (١) يا فلان هذا رفيقك قال أين تراه فأوقفته عليه فجعل يريد أن يسلم عليه فيها به ثم جسر فسلم عليه فرد عليه السلام