[أيها الآباء! احرصوا على بناتكم]
عباد الله! لا نريد أن نكون في هذه الخطبة صريحين أكثر من هذا، فليفتش كلٌ منَّا بيته.
عندما تدخل البنت البيت وعمرها أربع عشرة سنة، والمصيبة أنه يقول: جاهلة لا تعرف؛ ولو أنها تزوجت لأنجبت كثيراً من الأولاد، وهو يقول: إنها صغيرة ومسكينة، تدخل إلى البيت، وتأتي بالهاتف، وتدخل الغرفة وتغلق على نفسها الباب، وتتكلم الساعة والساعتين مع من تتكلم؟ تضحك عليك وتقول: مع الزميلة والصاحبة، حتى لو كانت الزميلة والصاحبة لِمَ لا تتكلم أمام الوالدة وأمام الوالد؟ ولماذا تكون المكالمات أكثر من ربع ساعة أو نصف ساعة؟ أي مكالمة هذه التي تستدعي كل هذه المدة، وتستدعي أن تغلق على نفسها الباب، وتستدعي ألا يكون في البيت إلا جهاز واحد؟
عباد الله: لنكن عاقلين وصريحين مع أنفسنا، لماذا هذا التقصير؟! لماذا هذا التهاون؟! أصبح الأب لا يرجع إلى بيته إلا في منتصف الليل؟! أين كنت؟ في المجالس ماذا تفعل؟ أتحدث نقضي الوقت يرجع لينام، ثم يقوم ويخرج، وإذا سألته عن التربية؟ قال: الحمد لله! يأكلون أحسن الأكل، ويشربون أحسن الشراب، ويلبسون أحسن الملابس، وكلهم أوائل في الدراسة، فهل هذه هي التربية فقط؟!
عبد الله: إن أعظم التربية هي تربية الدين والإيمان تعلمهم الصلاة، تمنعهم من هذه الأمراض، تعلمهم حسن الأخلاق، وتحذرهم من أصحاب السوء، ومن المنكرات والمعاصي.
لقد أصبح بعض الدعاة إذا خاطب امرأة وقال لها: اتق الله واستتري، ترد عليه وتقول: وأنت ما دخلك؟ ولست مسئولاً عني، وماذا تريد؟ ما الذي جعلها ترد بهذه الكلمات وبهذه الجرأة؟!
إنهم أولئك أشباه الرجال الذين سمحوا لها أن تخرج من البيت كاشفة عارية ولا يسألون عنها، بل إن بعض البيوت وصل بها الحال إلى أن المرأة هي التي تأمر وتمنع الرجل! وهي التي تأتي بالمال لتصرف على البيت! أي بيوت هذه البيوت؟! إذا كنا -ولنقلها صريحة- نسير خلف طريقة أهل الغرب والكفر والعربدة ونتبع سنن الذين كانوا قبلنا من اليهود والنصارى فلنقلها صريحة.
أما هم! فالأم تبيع ولدها في دور الحضانة تبيعه بيعاً لتطلب منه الثمن.
أما هم! فالزوج يأتي بصديقته داخل البيت، والزوجة تأتي بعشيقها داخل البيت.
أما هم! فلا يعرف أمه إلا في يوم واحد في السنة (في عيد الأم) يأتي ليطمئن على أمه هل هي لا زالت حية أم لا؟
أما هم! فالأم تقتل ولديها في سبيل عشيقها.
أما هم! فلا يعرفون بيتاً ولا أسرةً ولا راحةً ولا سكناً، يعملون اختباراً للجيش في بعض بلاد الغرب التي نتأسى بها ونسميها دولة حضارية ودولة مدنية، من كل سبعة يستثنى ستة ولا يبقى إلا واحد تعرفون لماذا يستثنون؟ لأن فيهم أمراضاً جنسية ووبائية تنتشر، من كل سبعة ستة، وقد أجريت إحصائية في سنوات ماضية قديمة في ثانوية بنات، فوجد أن أكثر من ثلث الثانوية قد حملن بطريقة غير شرعية، وأما البقية فلا يعني أنهن عفيفات! لا.
إنما نجحن في تناول حبوب منع الحمل فلم يصبن بالحمل.
عباد الله: لنكن صادقين، يأتيني شاب في صبيحة عرسه يبكي عندي وتتساقط الدموع من عينيه، أقول: ما الذي جرى؟ يقول: لا أستطيع أن أتكلم، يقول: زوجتي بنت عمي دخلت عليها في الليلة الماضية فاكتشفت أنها ليست بكراً، وأول من يتزوجها أنا، واتضح لي الأمر أنها كانت تعاشر الرجال قبلي، وكأنه يريد أن يبكي دماً، يقول: لم أكن أصدق ماذا أفعل؟ أريد أن أقتلها بفتوى واحدة.
عباد الله: أتعرفون أبنت من هذه؟ إنها بنت الجيران إن لم تكن بنتك بيوت أهل الحي إن لم يكن بيتك إن لم يكن بيتك قد وصله بعض هذه المنكرات فإنها بيوت الأقربين والقريبات.
عباد الله: لنكن حازمين في البيت، المنكر لا نسمح به، وصاحب السوء لا يدخل البيت، والذي لا يصلي والتي لا تصلي لا نسمح لهم بدخول البيت.
نعم يا عباد الله! هكذا نكون حازمين، فهذه الأجهزة الخبيثة الخليعة، إن كنت رباً للأسرة ومسئولاً عنها فأخرجها من البيت ماذا سيحدث؟!
الحمد لله! إن كثيراً من البيوت في هذه الأيام لا يدخلها (التلفاز) ولا ينتقد أحد هل عاشوا في ظلام كما يقولون؟! هل عاشوا في جهل؟! لا والله، هم أعلم وأفقه وأحفظ الناس في دينهم وأعراضهم، هل عاشوا في كآبة وضيق ونكد؟! لا والله، بل هم أسعد الناس في البيوت.
نختم بهذه القصة: كان رجل كبيراً في السن، قد أدخل على بيته التلفاز، وكان يعيش في سعادة، ولم يكن يعلم ما العاقبة؟ فتوفاه الله عز وجل، ولما مات رآه صاحب له في المنام، يقول: كنت نائماً في المسجد، فرأيت فلاناً الذي توفي قبل فتره، رأيته في المنام، ووجهه قد اسود وقد تعذب، نظرت به يستغيث بي يقول: يا فلان! أنقذني، قلت: ما الخبر؟ قال: أخرج التلفاز الذي وضعته في البيت، قال: فانتبهت له، فرجعت مرة أخرى للنوم ثلاث مرات، قال: فرأيت نفس الرؤيا، قال: ففزعت من النوم وذهبت مسرعاً إلى بيت صاحبي، قال: فطرقت الباب، واستقبلني أولاده، فجلست معهم، وقلت لهم: أيها الأبناء! لو علمتم أن أباكم قد دخل النار أكنتم تفتدوه بماذا؟ قالوا: بجميع أموالنا وبجميع ما نملك، قال: إن أباكم قد أتاني في المنام وقال لي كذا وكذا، فإن شئتم فأخرجوا هذا التلفاز إن شئتم رحمة أبيكم، وتفكوه من هذا العذاب فأخرجوا هذا التلفاز البلاء والداء والشر، ومكر الخبائث، وهو مروج الدعارة في كثير من البيوت -لا نقول كلها- فأخرجوا ذلك التلفاز، وبكوا بكاء شديداً وهم يكسرون هذا التلفاز رحمة بأبيهم.
رحمة بأنفسنا -يا عباد الله- وبأولادنا وزوجاتنا، رحمة بأهلينا، وأقاربنا، نمنع هذه المنكرات.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
أقول هذا القول، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.