قال الله تعالى:{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}[التحريم:١٢] مريم يدخل عليها رجل وهي في المحراب تصلي وتركع وتسجد، ما مسها بشر، وما اطلع عليها في الحرام رجل دخل عليها رجل إلى المحراب:{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً}[مريم:١٨].
أسألك بالله سؤالاً: ماذا نقول عن نسائنا في هذا الزمن؟ تدخل على البائع فتكلمه وتضاحكه، وهي تريد أن يخفض الأسعار، ويتصل عليها رجل في البيت فتضحك معه الساعات الطويلة، وتلين معه في الحديث تذهب إلى العمل فتكلم فلاناً وتجالس فلاناً، وتضاحك فلاناً، وتتكشف عند فلان تشم رائحتها من مسافة طويلة، ويسمع قرع نعليها من مسافات أطول أين هي من مريم عليها السلام التي لما رأت رجلاً ماذا قالت؟ هل سلمت عليه؟ هل صافحته؟ هل ضحكت معه؟ هل استبشرت به في خلوتها؟ {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً}[مريم:١٨] فلما أخبرها أنه ليس برجل وأنه ملك مرسل من الله جل وعلا، ماذا قالت؟ {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً}[مريم:٢٠] الله أكبر! تخاف على سمعتها، وتخاف على عرضها، وتخاف على كرامتها وعلى شرفها أين نحن من مريم البتول عليها السلام؟
ولما جاءها المخاض {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}[مريم:٢٣] مع أن الولد نبي من الأنبياء، والذي نفخ فيه الروح هو أفضل ملك من الملائكة، وبأمر الله جل وعلا، ولكنها {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً}[مريم:٢٣] أرأيتِ العفاف؟ أرأيت الطهارة؟ أرأيتِ الكرامة التي أكرمها الله عز وجل بها؟