للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفنيد الشبهات]

وأخرى تجر لخيرٍ منيف، حروفٌ في مناظرة لتفنيد شبهة، وإحقاق حق، وإزهاق باطل، في قوة حجة وبرهان، وحكمة ومصابرة إنما هي جهاد في سبيل الله

فهلا قمت في النادي خطيباً لك الكلم الحسان لها ثياب

في السير للذهبي: أن محمد بن الخليفة الواثق يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل أحداً أحضرنا، وفي ذات يومٍ أتي بشيخ مخضوبٍ مقيد، فأدخل على الواثق، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك مؤدبك، إن الله يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:٨٦] فقال ابن أبي دؤاد أحد زعماء الفتنة: الرجل متكلم، فقال الواثق: كلمه.

يرجو دواء القلب من ذي علةٍ ويريد وصف الشمس من عميان

فقال: يا شيخ! ما تقول في القرآن؟ فقال الشيخ: لم ينصفني أيها الأمير والسؤال لي

عند النطاح يعرف الكبش الأجم

فقال: سل.

قال: ما تقول يا ابن أبي دؤاد في القرآن؟ قال ابن أبي دؤاد: مخلوق، قال الشيخ: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء الراشدون، أم شيء لم يعلموه؟ فقال ابن أبي دؤاد: بل شيء لم يعلموه، فقال الشيخ: سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، علمته أنت! فخجل ابن أبي دؤاد، وقال: أقلني، قال الشيخ: المسألة بحالها، علموه أم لم يعلموه؟ فقال: بل علموه، فقال الشيخ: علموه ولم يدعوا الناس إليه؟ قال: نعم، قال الشيخ: أفلا وسعك ما وسعهم.

يا شاعراً بسقوطه لم يشعر ما كنت أول طامعٍ لم يظفر

أفما استحيت ولا احتسبت جواب ما تحكيه كيف يخيف ليثاً ثعلب

والله ما أدري أأنت على الثرى أم أنت في طي التراب مغيب

{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف:١١٨ - ١١٩] قام الواثق الخليفة ودخل مجلسه واستلقى على ظهره، وهو يقول: سبحان الله! شيء علموه ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟! وسقطت الوساوس من رأس الخليفة، وسقط ابن أبي دؤاد من عينه، وأمر برفع قيد الشيخ، وأمر له بأربعمائة دينار، ورفعت المحنة فما امتحن أحدٌ بعده، فأثاب الله الشيخ على ما كشف من غمة

فما يعرف الإنسان إلا بغيره وما فضلت يمناك لولا يسارها

فيا أيها العبد المحدث نفسه ألا هل على دعواك جئت بحجة

فإن أنت لم تفعل فإنك كاذب وذو الصدق يبدو صدقه بالأدلة