قال سليمان بن الأشعث: ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط، إنسان منقطع للآخرة، لذلك منَّ الله عليهم بالعلم وبكل خير، لأنهم أناس كانوا للآخرة، خلقهم الله هكذا حتى يحفظون الدين، ولذلك لما قيل لـ ابن المبارك: إن الحديث كثر فيه الوضع والكذب، قال: استرح، فإنها تعيش له الجهابذة، والله يخلف من تعيش لهذا الحديث.
ويقول أبو حفص عمر بن سليمان المؤدب: صليت مع أحمد بن حنبل التراويح، وكان يصلي به ابن عمير، فلما أوتر رفع يديه إلى ثدييه، وما سمعنا من دعائه شيئاً ولا ممن كان في المسجد، أي أنه كان يبكي، وكان من شدة البكاء ولا يسمع دعاؤه، وكان في المسجد فراش على الدرجة، لم يكن فيه قنديل ولا حصير ولا شيء، زهد وفقر، وكذلك خوف من الله سبحانه وتعالى.
طبعاً: صلاة التراويح عند الإمام أحمد رحمه الله كلها عشرين ركعة.
كذلك يقول أبو بكر المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول لـ شجاع بن مكنز العطار: يا أبا الفضل إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل، أي: فلاد داعي لكثرة الهم والاغتمام، فإنما هو عمر قصير ثم نرحل إلى الله سبحانه وتعالى، وكلٌ قادم على عمله، وأول ما يحاسب المرء يوم القيامة عليه دينه وصلاته، ولكن مع ذلك فإن الله جميل يحب الجمال، وفي الوقت نفسه (البذاذة من الإيمان) كما قال صلى الله عليه وسلم.