عباد الله: هذا الشهر شهر التائبين، شهر المقبلين على الله عز وجل هل رأيت أرحم من الله؟
هل رأيت أكرم من الله جل وعلا؟
هل سمعت بكرمٍ أعظم من كرم الله جل وعلا؟
إنه شهرٌ يفتح الله فيه أنواع الرحمات، بل وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
هذا رجل من بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة، كان صالحاً تقياً ثم انتكس، فعصى الله جل وعلا أربعين سنة أخرى، أربعين سنة يطيع الله، ثم أربعين سنة يعصي الله ويجاهر بالمعصية، ثم أراد أن يتوب، فقال: يارب! أطعتك أربعين عاماً، وعصيتك أربعين عاماً، فهل لي من توبةٍ إن أنا تبت وأنبت إليك يا رب؟ فإذا به يسمع منادٍ يناديه: عبدي! أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك قال تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}[الفرقان:٧٠].
إن لم يُغفر لك في رمضان فمتى؟! إن لم يرحمك الله في رمضان فمتى؟! إن لم يعتقك الله في رمضان فمتى يا أخي الكريم؟! الشياطين صفدت، والرحمات تنزل، والجنة فتحت أبوابها، وزينت لك يا عبد الله! فإن لم تقبل في رمضان فمتى؟!
يا كثير العفو عمن كثر الذنب لديه جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرمٍ لديه
أنا ضيف وجزاء الضيف إحسانٌ إليه
عبد الله! هل أنت مقبلٌ على الله؟ يبسط يده كل ليلة ليتوب مسيء النهار، وكل نهارٍ ليتوب مسيء الليل، قال تعالى:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الحجر:٤٩] أخبرهم أني أنا الغفور الرحيم، بل قال في الآية الأخرى: إنه غفار، أي: كثير المغفرة: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ}[طه:٨٢] هل أنت تنوي أن تتوب في هذا الشهر من ذلك الصحن وهذا البث المباشر الذي أدخلته إلى بيتك؟ هل عزمت أن تخرجه في شهر رمضان توبة إلى الله جل وعلا؟ ورصيدك الذي لا زلت تحارب الله به سنوات، ودعيت إلى الله فازددت منه {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[البقرة:٢٧٩] هل أنت عازم على التوبة في هذا الشهر؟ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}[الزمر:٥٣].
أيتها المتبرجة! يا من أصررت على هذا الفعل! هل عزمت في هذا الشهر أن تتوبي إلى الله جل وعلا؟ أدعو كل امرأة في هذا الشهر أن تقبل على الله كيف تذهبين إلى الصلاة وتدمع عينك وتخشعين وتبكين من خشية الله، ثم ما أن ينتهي رمضان إلا وقد حسر الرأس والذراعان والساقان، ثم ظهرت الضحكات مرةً أخرى، ورجع الاختلاط مع الرجال والخلوة بهم؟! إلى متى لا نتوب إلى الله جل وعلا؟ {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}[الزمر:٥٤].