صلى النبي صلاة العصر فخرج، فجاء إلى الصحابة فوجدهم في المغرب جالسين -من العصر إلى المغرب جالسين- قال (ما الذي أجلسكم؟
قالوا: صلينا، وننتظر الصلاة الثانية قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟
قالوا: آلله ما أجلسنا إلا هذا، قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟
قالوا: آلله ما أجلسنا إلا هذا، وسألهم المرة الثالثة فأقسموا- قال: أشهدكم أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة) أي: يفتخر بكم عند الملائكة، الآن بعض أناس يتجولون في الأسواق بغير داعٍ، إلا بحجة قطع الأوقات، والأسواق أبغض البلاد إلى الله، لا تذهب إليها إلا لحاجة.
وأنت الآن تجلس في بيت الله، يطلع الله إلى الأرض فينظر الناس في بيت الله فليسوا إلا القلة القليلة وأنت منهم:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة:١٥٢] أنت الآن تذكر الله، الله ينزل علينا السكينة وتغشانا الرحمة بإذنه، وتحف الملائكة وتنادى بعضها: هلموا هلموا إلى حاجتكم.
أذكر في يوم من الأيام أنّا كنا في إحدى البيوت، وفي حوش هذا البيت قفص فيه ديك، وكان عندنا شيخ فاضل فقلنا: يا شيخ! تفضل بموعظة -كنا جالسين والوقت يذهب ونحن نريد ذكر الله عز وجل- فبدأ الشيخ يتكلم، والله يا إخوة ما إن قال: إن الحمد لله وكان الديك خلفه في القفص إلا وبدأ الديك يصيح ويصيح، وقد كنا نتكلم قبل ذلك وما صاح الديك، بدأ بالصياح حقاً عندما بدأ الشيخ يتكلم، وما تركنا نسمع الذكر لكثرة صياحه؛ إلى أن قال الشيخ: والحمد لله رب العالمين، فأُقسِمُ بالله أنه توقف الديك! تعرف لِمَ؟
لأن الديك يرى الملائكة، يحس بها وأنت لا تشعر؛ لكن لو كشف الغطاء، ولو رفع الستار لرأيت الملائكة تنزل، أرأيت الرجل في السيارة وهو يمشي (ما خلا راكب بالله وذكره -يقرأ القرآن يسبح يستغفر، يسمع شريط محاضرة المهم أنه منشغل بذكر الله- إلا كان ردفه ملك -أي: يركب معه ملك- وما خلا راكب بالغناء إلا كان ردفه شيطان) قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:٣٦] أي: من يبتعد عن الذكر.
اسمع يا عبد الله! اسمع إلى ما يحدث في الأولين والآخرين لتعرف أسباب تقوية الإيمان.