اسمع يا أخي الكريم أيها الأخ العزيز! يا من أصيب بالمرض! اسمع إلى هذا الرجل الذي أصيب بمرض رجل دكتور في إحدى الجامعات في مصر، وهذا الرجل كان يعرف ربه جل وعلا، ذهب إلى إحدى البلاد الغربية بريطانيا، ففحصوا جسمه وقالوا: إن مرضك شديد، والقلب ضعيف، ولا بد من عملية جراحية خطرة، ربما تعيش أو لا تعيش، قال: أذهب إلى أولادي وأرجع الأمانات إلى أصحابها وأستعد ثم آتيكم.
قال الأطباء: لا تتأخر؛ لأن حالتك شديدة، فرجع إلى بلده وجلس عند أولاده وأخذ يصبرهم، فربما لا يرجع إليهم مرة أخرى، وسلم على من يشاء، واستعد للقاء الله عز وجل يقول: فذهبت يوماً من الأيام عند أحد أصحابي لأسلم عليه في أحد المكاتب، وكان عند المكتب جزار، فنظرت وأنا جالس في المكتب عند الجزار إلى امرأة عجوز، بيدها كيس تجمع العظام والشحم واللحم الساقط على الأرض من القمامة، فقلت لصحابي: انتظر! وذهبت إلى العجوز، واستغربت من حالها! فقلت لها: ماذا تصنعين؟ فقالت: يا أخي! أنا لي خمس بنيات صغيرات لا أحد يعولهن، سنة كاملة لم تذق بنياتي قطعة من اللحم، فأحببت إن لم يأكلن لحماً أن يشممن رائحته!
يقول: فبكيت من حالها، وأدخلتها إلى الجزار، وقلت للجزار: يا فلان! كل أسبوع تأتيك هذه المرأة فتعطيها لحماً على حسابي، فقالت المرأة: لا، لا نريد شيئاً فقال: والله لتأتين كل أسبوع، فتأخذي ما شئت من اللحم، قالت المرأة: لا أحتاج أكثر من كيلو واحد، قال: بل اجعلها اثنين كيلو، ودفع مقدماً لسنة كاملة، تأتي المرأة كل أسبوع تأخذ اثنين كيلو من اللحم، يقول: ورجعت إلى البيت فأحسست بالسعادة؛ لأنني عملت عملاً فرحت به، فلما دخلت إلى البيت جاءت ابنتي، وقالت لي: يا أبي وجهك متغير، كأنك فرح، فلما أخبرتها بالقصة أخذت تبكي، وكانت ابنتي عاقلة، فقالت: يا أبي! أسأل الله أن يشفيك من مرضك كما أعنت تلك المرأة.
يقول الرجل: ولما أعطيت المرأة ثمن ذلك اللحم أخذت تدعو لي وهي تبكي، يقول: فأحسست بنشاط كبير، وهمة عالية، فلما ذهبت إلى الأطباء لأجري العملية، قال الطبيب مغضباً: أين تعالجت؟ فقلت: ماذا تقصد؟ قال: أسألك أين ذهبت؟ إلى أي مستشفى؟ قال: والله ما ذهبت إلى مستشفى، وإنما سلمت على أولادي ورجعت، قال: هذا غير صحيح، قلبك ليس به مرض أبداً، قال: ماذا تقول يا طبيب؟ قال: أنا أخبرك أن القلب سليم، إما أن يكون الرجل لست أنت، أو أنك ذهبت إلى مستشفى آخر، ثم قال: أرجوك أن تعطيني دواءً من الذي أخذت.
قال: والله لم آخذ شيئاً، إلا دعاء امرأة عجوز وبنتي الصالحة.
أتعرف لِمَ؟ لأن الله عز وجل يقول:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً}[المزمل:٢٠].