أن ينظر الإنسان إلى من حوله، هل الناس يضعفون مثله، فيظن أنه على خير، أو أن الكل ضعيف في الإيمان، فيظن أنه قوي الإيمان!
تجده يُصلي ثلاث أو أربع صلوات في المسجد وبعض الناس لا يصلي في المسجد إلا صلاتين أو ثلاث صلوات، فيظن أنه قوي الإيمان، أو تراه يأتي صلاة الفجر بعد الإقامة، فيظن أن إيمانه قوي؛ لأن بعض الناس لا يصلوا الفجر أصلاً، وهذا أمر عظيم جداً سوف نتكلم عنه، ولعلَّ الكلام لا ينفع إذا لم يتبعه عمل، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر:١٨].
دخل أبو بكر رضي الله عنه مزرعة أحد الأنصار فوجد فيها طيراً يطير، فخرَّ على ركبتيه يبكي، فقيل له: لماذا رحمك الله؟ قال:[نظرت إلى الطير يطير على الشجر، ويأكل الثمر، ثم يموت ولا حساب ولا عقاب، يا ليتني أكون طائراً] هذا هو أبو بكر الذي بشر بالجنة.
وهذه قصة رويت عن عمر وأبي بكر، يقول رضي الله عنه: كُلَّما صلى الفجر خرج من المسجد، يقول: فتبعته -لأن عمر كان ينافس أبا بكر في الخير- يقول: فتبعته، فوجدته يدخل بيتاً في ناحية المدينة، فلما خرج دخلت البيت فإذا امرأة عجوز كسيرة حسيرة عمياء -من يدخل عليها؟ خليفة المسلمين- فقلت لها: من أنتِ؟ ومن هذا الرجل يدخل عليك كل يوم؟ قالت: أنا امرأة عجوز كسيرة حسيرة عمياء، وهذا الرجل الذي يدخل عليّ كل يوم لا أعرفه، يدخل علينا يصنع طعامنا، وينظف بيتنا، ويحلب شياهنا، ثم يذهب، فأخذ عمر يبكي، وخرَّ على ركبتيه يبكي وهو يقول: أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر! أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر.
كان الحسن البصري يبكي كثيراً -قلوب الأوائل ليست كقلوبنا يا إخوة- كان يبكي كثيراً، فلما قيل له: لماذا تبكي كثيراً يا أبا سعيد؟ قال رحمه الله:[أخاف أن يطرحني الله في النار ولا يبالي].
بعد كل هذا العمل {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}[الغاشية:٣ - ٤].