يقول كعب الأحبار: عينٌ في النار يغمس فيها الرجل غمسة واحدة فيخرج وقد انفصل الجلد واللحم عن الجسم، لم يبق إلا العظام وهو حي أحشاؤه وعظامه، أما لحمه وجلده قد انفصل عن العظم، يقول: ويتعلق جلده ولحمه بكعبه، ويمشي يجر جلده ولحمه {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً * إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً}[النبأ:٢٤ - ٢٥] أرأيت لماذا ضحوا بأنفسهم؟
أرأيت! لماذا كان الواحد لا ينام الليل؟
أعلمت لماذا كان الواحد منهم لا يُفارق كتاب الله؟
كان إذا قرأ دمعت عينه.
ألم تعلم أن عمر كان إذا صلَّى سمع نشيجه من وراء الصفوف، أما أبو بكر فكان لا يستطيع الصلاة إذا صلَّى بالناس، أول ما يبدأ بالفاتحة بكى، علمت لمَ كان عثمان لم يرفع رأسه عن القرآن حتى قُتِلَ وهو يقرأ في المصحف؟ حتى سال الدم على المصحف، فبكت زوجته وهي تقول: قتلتموه وإنه ليحي الليل بالقرآن {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ}[الزمر:٩] أمام التلفاز يدخن يلعب بالورق يتحدث في الأحاديث الباطلة اللاغية، أم ماذا يفعل؟
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ}[الزمر:٩] يحذر الآخرة، يخاف من يوم القيامة.
يقول ابن عباس: يجمع بين رأسه ورجله في النار.
تخيل!! كيف يجمع بين الرأس والرجل؟
يقول: يُكسر كما يكسر الحطب فيلقى في التنور.
أرأيت كيف تكسر الحطب لتلقي في النار؟
هكذا يُكسر يوم القيامة {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}[الرحمن:٤١] النواصي -الرءوس- والأقدام يكسر ثم يُلقى في النار {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف:٧٧] يتمنون الهلاك! يتمنون الموت؛ ولكن {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف:٧٧ - ٧٨].