[التوبة إلى الله هي الحل والنجاة من الإدمان]
أيها الأخ الكريم: أتعرف ما النجاة؟ إنها في قول الله جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].
أيها الأخ العزيز: أقبل على الله جل وعلا، لا تقل لا أستطيع ولا أتحمل.
في يومٍ من الأيام بعد محاضرة كانت لي جاءني شاب بعد المحاضرة حسن الوجه، مضيء الوجه، مطلق اللحية، مقصر الإزار عليه سِيما الصلاح، فقال لي: يا شيخ أريد أن تذهب معي إلى مكان.
قلت له: وأي مكان؟ قال: مكان فيه أهل مخدرات قلت: ولِمَ؟ ولِمَ؟ ولِمَ أنت الذي ترسلني إلى هذا المكان؟ قال لي: يا شيخ أنا الذي أمامك كنت يوماً من الأيام مدمناً للمخدرات، يقول: كنت يومياً أتعاطى المخدرات ولا أستطيع الخلاص منها، قلت له: الآن؟ قال: والآن الحمد لله أدعو إلى الله جل وعلا، أقرأ القرآن، أحضر حلق العلم، أحضر مع الصالحين، أجلس معهم، أبر والدي، قلت له: الآن أنت سعيد أم الماضي؟ قال: يا شيخ! ما أحسست بالسعادة إلا هذه الأيام التي توجهت فيها إلى الله جل وعلا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥] تريد الهداية؟ تريد التوبة؟ تريد صفحة جديدة بينك وبين الله؟ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥] قاطع تلك المجالس وفارق تلك الصحبة، أقبل على الصالحين واجلس معهم، قل لهم: إني أقبلت على الله جل وعلا فدلوني وخذوا بيدي، قم آخر الليل، وصلِّ ركعتين في السحر؛ فإن الرب ينزل ويقول: (هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟) صلِّ ركعتين في السحر وأقبل على الله واسجد بين يديه، ثم لتدمع تلك العينان؛ لعل الله أن يغسل ذنوبك.
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا لقطاً فتُلْحِق أخرانا بأولانا
أما تذكر يوم رفعت سماعة الهاتف وقيل لك: أتعرف فلاناً؟ نعم فلان.
الذي كان معنا في الدواوين والشوارع، وفي الدراسة، أتذكره جيداً؟ نعم أذكره جيداً، قبل أيام كنتُ معه.
فيقول لك: مات في حادث سيارة، انقلب بها وفارق الدنيا، إنا لله وإنا إليه راجعون.
أما ترين المنايا كيف تلقطنا لقطاً فتُلْحِق أخرانا بأولانا
وفي كل يوم لنا ميْت نشيعه نرى بمصرعه آثار موتانا
أقبل على الله جل وعلا، تعرَّف على الصالحين، افتح كتاب الله تبارك وتعالى لتكن همتك عالية.
أما هذه الهمة، همة الحبوب والتعاطي والإدمان فأنت تعرفها، إنها همة ما أخسها! وما أقذرها! وما أنجسها!
لتكن همتك أن تضحي بهذا الجسد الذي طالما تعاطى ذلك المخدر في سبيل الله جل وعلا، همتك همتك -يا أخي العزيز- ألا تموت إلا شهيداً في سبيل الله.